تناولت عناوين الصحف البريطانية مؤخرا تداعيات محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا على مجريات الأحداث بالمنطقة، وخصوصا فيما يتعلق بالوضع السوري والدعم الذي يتلقاه ثوار سوريا في المناطق الشمالية، وأيضا بالنسبة لما تتعرض له المدن والبلدات السورية من قصف يومي من قبل طيران النظام والطيران الروسي.
فقد شكك مقال مجلة إيكونومست في إمكانية استجابة سريعة لنداءات الثوار السوريين من جحيم القنابل الروسية والسورية الحارقة عبر الحدود التركية بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة على الرئيس رجب طيب أردوغان.
ولفتت المجلة إلى ارتباك المنطقة الحدودية مع سوريا باعتقال العديد من كبار القادة الأتراك وأفراد الأمن المكلفين بتأمين الحدود الجنوبية للبلاد، والإغلاق الدوري لمعبر باب الهوى الحدودي الذي يشكل طريق الإمداد الرئيسي للأراضي السورية المحررة التي تسيطر عليها المعارضة، وهو ما اعتبرته تقويضا لقدرة تركيا العسكرية على إظهار قوتها إقليميا.
وأضافت أن الأزمة في علاقات تركيا بالولايات المتحدة التي تؤوي فتح الله غولن الذي تتهمه تركيا بتدبير المحاولة الانقلابية تسبب أيضا تصدعا في التحالف الخارجي الداعم لثوار سوريا الذي ظهر في قطع الكهرباء مؤقتا عن قاعدة إنجرليك، مما أدى إلى تعطل القصف الأمريكي لتنظيم الدولة واحتمال تأثر الشركات الأمريكية الخاصة المتمركزة على الحدود مع سوريا التي تقدم مساندة “غير قاتلة” للثوار.
وهناك أيضا الرهانات التركية والأمريكية -لأسباب منفصلة- على نتيجة الحرب، حيث يسعى الطرفان إلى علاقة ناجحة مع روسيا، كما أن الدعم الدولي للثوار يتراجع والمساندة الخارجية للنظام تقوى.
من جانبها، اعتبرت صحيفة الإندبندنت أن أردوغان سيكون أقوى بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، لكن تركيا يمكن أن تكون هي الخاسرة.
ويرى كاتب المقال باتريك كوكبيرن أن تنظيم الدولة الإسلامية سيكسب من المزاج المناهض للولايات المتحدة بعد محاولة الانقلاب، لأن الحكومة التركية والكثير من الشعب على قناعة بأن أمريكا كانت متورطة في المحاولة.
وأشار الكاتب أن المحاولة الانقلابية الفاشلة كارثة لتركيا، ولكن نجاحها كان يمكن أن يكون كارثة أكبر بكثير. وأوضح أنه لو كان المتآمرون قد تمكنوا من قتل أو أسر الرئيس أردوغان لربما انضمت إليهم أطراف أخرى من القوات المسلحة، ونشوب حرب أهلية حينئذ كان لا مفر منه مع تشرذم قوات الأمن ومقاومة مؤيدي أردوغان.
وقال إن الكارثة هي أن الأمر سيكون الآن أكثر صعوبة بكثير بالنسبة للأتراك لمقاومة احتكار أردوغان للسلطة. وبمقاومته للانقلاب كقائد لحكومة منتخبة ديمقراطيا عزز شرعيته. ومن ناحية أخرى، كل المعارضة لحكمه يمكن وصمها بأنها داعمة للإرهاب ومعاقبتها على هذا النحو.
وأكد الكاتب أيضا أن بإمكان أردوغان أن يستفيد من الانقلاب لتوحيد الأتراك أو بدلا من ذلك استغلاله بطريقة تزيد من انقسامهم، وبالتالي من الصعب الشعور بالتفاؤل.