وصف الناطق الرسمي باسم تيار الغد السوري، منذر آقبيق، لقاء القمة الذي جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ”الإيجابي”، واستبعد أن يحدث أي تغيّر “راديكالي” في موقف الرئيسين من الأزمة السورية، كما استبعد حدوث اختراق سياسي هام في القمة.
وعن موقع الملف السوري بهذه القمة، قال منذر آقبيق لوكالة “آكي” الإيطالية للأنباء “تُعتبر هذه القمة ذات أهمية كبيرة لأنها تأتي بعد فترة توتر بين روسيا وتركيا أعقبت إسقاط الطائرة الروسية من قبل قوات الجو التركية، واتخاذ روسيا في المقابل إجراءات عقابية ذات طابع اقتصادي. ومن الواضح أن اتصالات سرية بين الجانبين جرت لفترة من الزمن قبل أن تُعلن تركيا عن اعتذارها عن ذلك الحادث، الأمر الذي رطّب الأجواء لعقد هذه القمة بين الجانبين”.
وشدد الناطق الرسمي باسم تيار الغد السوري على أن الملف السوري سيطر على هذه القمة، وقال “إن التوتر الشديد في حلب يُلقي بظلاله على اللقاء، حيث يعلم الرئيس بوتين أن تركيا تُساعد المعارضة المسلحة التي استطاعت تحقيق تقدم استراتيجي في تلك المحافظة خلال الأيام القليلة الماضية، الأمر الذي من شأنه أن يُقوّي موقف الرئيس أردوغان”، الذي “يعلم من ناحيته أن التقدم السابق للنظام وحصاره للجزء الشرقي من المدينة كان بمساعدة القوات الجوية الروسية، لذلك فإن أجواء هذا اللقاء هي أجواء أطراف متحاربة بالوكالة، تسعى فيما بينها لإيجاد مشتركات ومصالح مشتركة يمكن أن تتفق عليها. وبالتالي فإن عقد اللقاء بحد ذاته يعتبر أمراً إيجابياً، لأنه يدل على أن الطرفان يريدان التهدئه بشكل أو بآخر”.
واستبعد آقبيق بشدّة أن يتراجع أي من الطرفين عن مواقفه بالنسبة للأزمة السورية، وقال “كل من بوتين وأردوغان ليس بتلك السذاجة كي يعتقد أن مُحاوِره الآخر سيتراجع عن مواقفه في سوريا بشكل راديكالي، لكن أي طرف يستطيع انتزاع تنازلات معينه سوف ينعكس ذلك على ساحتي الصراع العسكرية والسياسية”.
وأردف آقبيق “من المتوقع أن يسفر اللقاء على انفراج في الموضوع الاقتصادي وحرية السفر، خصوصاً السماح للسياح والمستوردين الروس الذين يساهمون في الاقتصاد التركي بإعادة التبادلات إلى ما كانت عليه قبل التوتر، أما بشأن سوريا، فإذا اتفق الطرفان على التهدئه العسكرية تمهيداً لاستمرار المباحثات السياسية في جنيف بناء على الوثائق الدولية مثل بياني جنيف وفيينا وقرار مجلس الأمن 2245، فإن ذلك سوف يساهم في حقن الدماء”.
وتساءل آقبيق “لكن السؤال هو على أي أساس سوف يتم الاتفاق، إن حدث ذلك، هل هو على أساس قبول الروس برحيل الأسد في بداية المرحلة الانتقالية كما يريد أردوغان وصرح به مؤخراً لصحفية “لوموند” الفرنسية، أم على أساس بقاء الأسد خلال المرحلة الانتقالية ومشاركته في الانتخابات في نهايتها كما يريد بوتين، ومن جهتي أرى أنه في ظل تلك المواقف المتباعدة، فإن حدوث اختراق سياسي هام في هذه المرحلة مثل ذلك الاتفاق غير وارد”.
وبالنسبة لموقف تركيا من الأكراد السوريين ومدى إمكانية ليونة موقفها بضغط روسي، قال آقبيق “يُدرك الروس أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري الذي يسيطر على مناطق واسعة شمال وشرق سوريا، ذهب بعيداً في تحالفه مع الولايات المتحدة، لذلك فإن هناك مصلحة مشتركة للطرفين في تحجيم ذلك الحزب”.
وأضاف “على بعد آلاف الأميال في واشنطن، يُراقب المسؤولون الأمريكيون هذه القمة بتوتر، حيث يشاهدون حليفتهم تركيا العضو في حلف الأطلسي تستدير شرقاً، وسوف تحاول واشنطن في الفترة المقبلة استمالة أردوغان من جديد من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من تحالفهم”، مرجحا أن “من الوارد لذلك أن لا يُقدّم أردوغان الكثير لموسكو في انتظار العرض الأمريكي”.
وبالعودة إلى الملف السوري في القمة، قال آقبيق “إن الوصول إلى السلام، وعقد اتفاق سياسي في جنيف غير ممكنان بدون اتفاق الأطراف الأساسية وهي روسيا وأمريكا وتركيا والسعودية، وإذا حدث ذلك، فإن إيران سوف تكون الخاسر الأكبر، والشعب السوري هو الرابح”.