الأم التي تكافح يوميا لتبقى على قيد الحياة

“كان لنا بيت بنيناه بأيدينا، كان لدينا كل شيء، أما الآن فإننا لا نملك شيئا البتة” تقول شمخة.
“شمخة” التي كانت تعيش مع أسرتها في مزرعة في درعا وتزرع الطماطم والخيار والباذنجان، تسكن اليوم بيتا مهترئا وصغيرا مع ولديها، زوجتيهما واحفادها السبعة في قرية شمال الأردن.

تبلغ شمخة من العمر سبعة وخمسين عاما، يحيط بحجابها الأسود والأبيض وجه تبدو ملامحه أكبر عمرا، سيما وأنها قد فقدت جميع أسنانها الأمامية.

تروي لنا شمخة الحكاية فتقول ان رجالا مسلحين حطموا أسنانها الامامية وهي تجري خلفهم محاولة اللحاق بأولادها الأربعة الذين كان يتم اعتقالهم ليلتها بدون أي سبب واضح.

انتظرت شمخة شهرين ليعود اثنان من أولادها فقط إلى المنزل، بينما اختفى الثالث ولم تعرف عنه أي شيء حتى اليوم، اما الرابع فلقي حتفه كما قيل لها، كان يبدو شابا يافعا بملامح جدية كما ظهر لنا في صورته اتي أرتنا إياها.

“أنا امرأة بقلب محطم” تقول شمخة، وتتابع “ليتني أعرف ما الذي حدث له حقا، هل مات جراء التعذيب؟ جميعنا يعرف ما يحدث للمعتقلين في السجن، كان ابني قد اخبرني عن العذاب الجسدي الذي لاقوه في السجن والذي لا تزال آثاره على أجسادهم إلى اليوم”.

كانت شمخة تتكلم بحرقة بينما كان أحفادها يركضون حولنا يلعبون ويضحكون، لاحقا قدمت لنا زوجة أحد ولديها القهوة وهي تبتسم لنا بشكل لطيف بينما دخلت جارة لشمخة لتلقي علينا السلام، وهي تحمل طفلا صغيرا.

أخبرتنا شمخة بعد ذلك كيف انهم وبعد خروج أولادها من السجن في عام 2013 قرروا الهرب إلى الأردن. في البداية ذهبوا إلى مخيم الزعتري لكن بعد أربعة شهور وبسبب الظروف القاسية هناك قرروا أن يتركوا المخيم.

“المخيم كان جحيما، وكان قذرا جدا، تفوح منه رائحة نتنة لا تنسى” تقول شمخة، ثم تتابع “في الليل كان الجو باردا جدا، كانت هناك الكثير من الثعابين والجرذان والقليل جدا من الماء .. كان الحصول على الماء أمرا صعبا. أما الحمامات فكانت مشتركة، يدخلها الرجال والنساء وهذا برأيي خطر جدا على النساء”.

بعد خروجهم من الزعتري أمضت العائلة ما يقارب السنتين وهم ينتقلون من منزل إلى آخر إلى أن استقروا في هذه القرية الوادعة بالقرب من مدينة إربد. يمنح برنامج الغذاء العالمي عائلة شمخة 140 دولارا في الشهر بينما تمنحهم إحدى المنظمات الغير حكومية بعض المساعدات النقدية لكن بالنظر الى مصاريف الطعام لمدة 12 شهرا، ناهيك عن أجرة البيت البالغة 180 دولارا في الشهر تبدو تلك المساعدات ضئيلة فهي لا تمنحهم أي فرصة للحياة بشكل مقبول.

تقول شمخة “إننا نقدر كرم الحكومة الأردنية التي سمحت لنا بالعيش على أراضيها، لكن أوضاعنا هنا صعبه للغايه، فمجرد ان يمرض أحدنا نجد أنفسنا عاجزين تمام عن شراء الدواء له، تتابع شمخة بأسى “أحاول دوما أن أكون قوية ومتماسكة.. لكن ذلك صعب للغاية في ظل هذه الظروف التي نحياها”.

عن سلسلة لاجئين سوريين – ترجمة سلام محمد – تيار الغد السوري

تعليقات الفيسبوك

اضف تعليق