ظاهرة جديدة طرأت على طريقة التعاطي الدولي مع الملف السوري مؤخرا برزت مع حرب التصريحات والتصريحات المضادة من الأطراف المتدخلة، وأبرزها بطبيعة الحال مواقف روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وسط عجز واضح من المعارضة السورية الرسمية عن أداء دور سياسي وميداني إيجابي مع انزياح كامل للحراك المدني والثوري لصالح الصراع الإقليمي والتجاذبات الدولية.
ويؤكد أحمد عوض، عضو المكتب السياسي وأمين سر تيار الغد السوري، أنه بسبب تنامي الصراع الدولي والإقليمي على سوريا، ازدادت حدة الصراع الداخلي بين النظام الاستبدادي والجماعات التكفيرية على الأرض، حيث إن كل منهما تدعمه قوى إقليمية ودولية، ولم يعد هناك “جيش حر” مؤثر في الصراع لصالح أهداف وشعارات الثورة التي قامت في سوريا.
وأضاف عوض، في تصريح للمكتب الإعلامي في تيار الغد السوري، منذ أن سيطرت القوى الجهادية التكفيرية على المناطق التي حررها “الجيش الحر” وأزاحت منها الحراك المدني الديموقراطي مهددة بالموت كل من يتحدث عن الديموقراطية والدولة المدنية بدا واضحا مآلات الصراع في سوريا لخدمة أجندات خارجية ليس لها علاقة بثورة الشعب السوري وأهدافها.
وبحسب عضو المكتب السياسي وأمين سر تيار الغد السوري فإن هذه الأجندات تعمل على تحقيق مصالح تلك الدول المتدخلة بالشأن السوري، ولا ترتبط بأي شكل من الأشكال بثورة السوريين ونضالهم للقضاء على الدولة الاستبدادية وبناء دولة مدنية ديمقراطية.
واعتبر عوض أن المواقف الأمريكية والروسية ومواقف غيرها من الدول الإقليمية تتغير بتغير المعطيات الجيوسياسية، دون أن تأخذ بالحسبان مصلحة الشعب السوري، وهذا هو واقع السياسة، فالدول ومنذ القديم تحكمها مصالحها، وضرورات أمنها، وليس منظوماتها الأخلاقية والقيمية، مؤكدا أنه يجب “على السوريين أن يفهموا ذلك”.
ونوّه عوض إلى أنه ومنذ بداية العمل على تأسيس “تيار الغد السوري” كان الهاجس الرئيس لنا هو كيفية إيقاف الدمار والموت والهجرة في سوريا، وكيف يمكن للسوريين التخلص من الدولة الاستبدادية وبناء الدولة الديمقراطية، ونحن نعلم مدى صعوبة تحقيق ذلك في ظل وحشية وعنف نظام الأسد المفرط الذي يحارب الشعب السوري وكأنه عدو خارجي، وكذلك في ظل إرهاب الجماعات التكفيرية الفائق التوحش أيضا.
وأضاف أن كلا من النظام الاستبدادي والجماعات التكفيرية يتبعون سياسة واحدة في سوريا تقوم على التغيير الديموغرافي في المناطق التي يسيطرون عليها، وعلى خلق جغرافيات جديدة، وعلى الإرهاب السياسي والفكري، وعلى تدمير التاريخ السوري المتعدد الثقافات والهويات ودفنه.
كما نبّه عوض إلى “نحن في تيار الغد السوري لا نرى أية جدوى من العملية التفاوضية الحالية لأنها أصلا بدون استراتيجيات تأخذ بعين الاعتبار التغيرات الحاصلة في الواقع السوري منذ خمس سنوات ونصف”.
وختم “أعتقد أننا أمام قراءات جديدة وضرورات فاعلة ومؤثرة تتطلب من القوى الوطنية الديموقراطية أن تتعامل معها بمنطق السياسة وعقلها، وأن تبادر إلى فعل سياسي جريء يوقف هذه الحرب التي أصبحت عبثية بكل ما لهذه الكلمة من معاني”.