اعتبر منذر آقبيق، الناطق الرسمي باسم تيار الغد السوري، “الصفقة” التي أعلن عنها مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، استيفان دي ميستورا، والتي قضت بخروج عناصر جبهة فتح الشام من مدينة حلب بضمانة دي ميستورا نفسه، وحظيت بموافقة موسكو عليها، معقولة جدا.
وعلل آقبيق، على صفحته الشخصية، ذلك بأنهم “أقلية” بين مقاتلي المعارضة في حلب، ولا تتجاوز نسبتهم الـ١٠ بالمائة، كما أن العرض لا يتضمن قتالهم أو كشف مواقعهم، بل خروجا آمنا لهم.
وأضاف آقبيق: نحن قلنا إن قصف حلب ليس حربا على الاٍرهاب وإنما حرب على الشعب السوري، ولا شيء يبرر ذلك القصف، ولكن “النصرة” كانت ومازالت عاملا سلبيا في الثورة، مثل التفاحة الفاسدة التي تفسد الصندوق بأكمله. هم مرتبطون بتنظيم إرهابي عالمي اسمه “القاعدة”، والمجتمع الدولي بأكمله بمن فيهم الأشقاء العرب في حالة حرب معه، وهذا التنظيم يتبع تكتيكات محرّمة في الإسلام، وهي قتل المدنيين الأبرياء بنسائهم وأطفالهم وشيوخهم عن طريق التفجيرات. وتساءل “لماذا علينا كسوريين أن نتحمّل ذلك العبء وتلك التهمة؟”.
وأشار آقبيق إلى أنه لم يقم أحد من السوريين بدعوتهم “لنصرتنا”، هم فرضوا أنفسهم وأفكارهم الغريبة على مجتمعنا، ويعادون العالم والمجتمع. هم صورة أخرى من الطغيان والاستبداد، لا يقبلون الرأي الآخر، ويعتبرون مبادئ الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة التي اندلعت الثورة السورية من أجلها “كفرا”، والكافر لديهم محللة دمائه ويقتل على الفور.
كما نوّه الناطق الرسمي باسم تيار الغد السوري إلى أنه من المفترض لثورة قامت من أجل تلك الشعارات السامية أن تكون في موقع أخلاقي أعلى من أولئك الذين يحاربونها، فإذا كانوا طائفيين، فالثورة يجب أن تكون وطنية، وإن كانوا يقتلون المدنيين وينكلون بهم، فإن الثورة يجب أن تحمي المدنيين في جميع المناطق، وإن كانوا مستبدين فالثورة يجب أن تكون “أم الصبي” الحنون.
ودعا آقبيق عناصر “النصرة” إلى قبول مبادرة دي ميستورا قائلا: فليخرجوا من أجل “سد الذرائع”، ومن أجل مساعدة من يريد أن يساعدنا لـ”رفع الحرج” عنه، وانكشاف من يتخذهم ذريعة. معتبرا أن من يرفض تلك الصفقة، هو بعلم أو بغير علم، يعمل ضد الثورة. مؤكدا على أن الثورة السورية تنجح بمقدار ما تقنع العالم بتفوقها الأخلاقي.
وكان دي مستورا قد قال، في وقت سابق، مخاطبا مقاتلي فتح الشام في حلب: “إذا ما قررتم ترك أسلحتكم في حلب بكرامة، والتوجه إلى إدلب أو أي مكان تريدون الذهاب إليه، فأنا شخصيا مستعد بدنيا لمرافقتكم”.
وطالب دي مستورا، خلال حديثه إلى السلك الصحفي للأمم المتحدة في جنيف النظام السوري وروسيا وقف حملة القصف الجوي التي تهدد بتدمير المدينة وأن يتحلا بالمسؤولة أمام الرأي العام العالمي وحكم التاريخ إزاء حملتهما العسكرية، مضيفا: “هناك شيء واحد فقط لسنا على استعداد للقيام به وهو أن نكون سلبيين، وأن نستسلم لسربرينيتسا أخرى ورواندا أخرى”.
من جهته، قال حسام الشافعي، الناطق باسم “جبهة فتح الشام” في سلسلة تغريدات على حسابه في “تويتر”، إن الدور الدولي لم يعد بحاجة لتحليل أو تفسير، فالتقسيم والتهجير على قدم وساق، و”اليوم تفريق بين الفصائل المجاهدة وتسليم لأهل السنة”.
وتساءل الشافعي: هل يستطيع ديمستورا أن يرافق أطفال مضايا المرضى لأقرب مشفى، أو يتكفل بإيصال سلة إغاثية لمنطقة محاصرة واحدة؟، وحذر من الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة في عملية التغيير الديموغرافي في سوريا، وقال إن دي مستورا نجح بتفريغ مناطق أهل السنة ولعب دورا بارزا في التغيير الديمغرافي، وما زال يلعب دور الجعفري دولياً، مشيرا إلى أن دي مستورا لم يستطع أن يوقف القصف ساعة عن حلب، فضلا عن عجزه عن منع قصف قوافل المساعدات الدولية للجهة التي يعمل بها.
وأكد الشافعي على أن “فتح الشام قوة مجاهدة وأحد أركان القوة العسكرية للثورة السورية، لن تخذل شعبا مسلما يباد، فكيف للحر أن يسلم أهله”، كما أكد عزمهم فك الحصار الذي تفرضه قوات النظام على حلب بجهودهم وجهود بقية الفصائل، مضيفاً “فعهدنا معا أن نقتل أعزة شهداء لا مستسلمين أذلاء”.
وهو ما اعتبر رفضا شبه رسمي من الجبهة لمبادرة دي ميستورا وإمعانا في تحدي الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص وكل الأصوات العاقلة التي دعت إلى حل بعيدا عن لغة السلاح وعملت على تجنيب حلب، أو ما بقي منها، ويلات الدمار. ما ينبئ بمزيد من التعقيد في المشهد السوري واستمرار للحملة الجهنمية على المدينة ومن بقي من أهلها ممن يقاسون القصف والحصار.