بوتين يعين غيرهارد شرودر رئيسا لشركة غاز روسية

أعلنت مصادر إعلامية روسية أن الرئيس فلاديمير بوتين عين المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر، القيادي في الحزب الديمقراطي الاشتراكي، رئيساً للهيئة الادارية لشركة الغاز الروسية “نورث ستريم2”.

وشركة “نورث ستريم2” هي شركة تابعة لعملاق الطاقة الروسي “غازبروم”، ويفترض بحسب بنود الاتفاقية، توسيع خط أنابيب الغاز إلى دول الاتحاد الأوروبي بدء من العام 2017 بما يضمن تدفق 55 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا إلى الاسواق الأوروبية.

ومعروف أن شرودر ارتباطه بصداقة شخصية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وترأس اللجنة الخارجية لشركة “غازبروم” طوال السنوات العشر الأخيرة. وتم توقيع “نورث ستريم1” في الوقت الضائع من حكم شرودر، لأن ذلك حدث بعد هزيمته الانتخابات عام 2005، ولكن قبل تسلم أنجيلا ميركل دائرة المستشار رسمياً. ويتمتع شرودر بنفوذ كبير حتى الآن في قيادة الحزب الديمقراطي الاشتراكي، وخصوصاً على زيغمار غابرييل، رئيس الحزب الحالي ونائب المستشارة انجيلا ميركل.

وبلغت قيمة عقد “نورث ستريم1” نحو 5 مليارات يورو، ووقفت بولندا ودول البلطيق ضده بشدة لأنه يحرمها من رسوم مد الأنابيب عبر أراضيها، وبدعوى أنه يرهن سياسة الطاقة الأوروبية بيد الروس. ويبلغ طول الخط نحو 1220 كيلومتراً، ويمتد في قاع مناطق يبلغ معدل عمقها نحو 200 متر.

وقال متحدث باسم “نورث ستريم2” إن الخيار على شرودر وقع في الشركة منذ تموز/يوليو السابق، لكنه لم يشر إلى “أتعاب” المستشار الاشتراكي السابق. ومعروف أنه كان يتلقى 250 ألف يورو في السنة لقاء ترؤسه للجنة الخارجية في الشركة. وأثارت “نورث ستريم1” رفض العديد من دول أوروبا، وخصوصاً بولندا، ووصفت بولندا هذه الاتفاقية آنذاك بأنها “لاتقل خطراً عن اتفاقية هتلر وستالين”.

ويعتبر محللون أن تعيين شرودر “خطوة ذكية” من الرئيس الروسي بوتين لقطع طريق فرض العقوبات على روسيا عن طريق وقف العمل باتفاقية “نورث ستريم2”. وهي خطوة تعزز موقف الحزب الاشتراكي الذي لا يقف ضد فرض المزيد من العقوبات على روسيا فحسب، وإنما يساهم في تخفيفها.

ومعروف عن شرودر أنه وقف دائماً ضد فرض العقوبات على روسيا، وشهدت فترة حكمه العصر الذهبي للعلاقات الروسية الألمانية. وكان شرودر المبادر لعقد سلسلة اجتماعات القمة الألمانية الروسية، التي أصبحت تقليداً يحصل كل 6 أشهر بانتظام.

وحينما وجه روبرت لارسون، من الأكاديمية العسكرية السويدية في العام 2008، اتهامات خطيرة إلى روسيا بدعوى استخدام مشروع أنابيب الغاز الذي ينقل الغاز من روسيا إلى أوروبا تحت مياه بحر البلطيق للتجسس على أوروبا، اضطر شرودر للدفاع عن “شركته” بعد أن تزايدت الانتقادات للمشروع. وقال شرودر إنه لا يري أي عيب في مد كابل تحت البحر لمراقب سير العمل في الأنابيب. وذكر المستشار الاشتراكي السابق أن شركة” نورث ستريم” ستبحث مع الجانب الألماني كافة تفاصيل المشروع.

ووقف غيرهارد شرودر ضد فرض العقوبات على روسيا بعد احتلالها لشبه جزيرة القرم، وقال إنه “يتفهم” الدوافع الروسية، وأيّده بذلك، المستشار الراحل هيلموت كول، ويمكن اعتبار تعيين شرودر على رأس مشروع “نورث ستريم2” ضربة استباقية لما يمور من أفكار تحت السطح في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني.

وجاء الإعلان عن تعيين شرودر رغم تصريح وزارة الخارجية القائل بعدم وجود “أية أفكار” أو “أي سياسي ألماني واحد” يؤيد فرض العقوبات على روسيا.

وكان أوميد نوريبور، عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني، أول من طالب بفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا، مشيراً بالذات إلى مشرع الغاز الروسي الأوروبي “نورث ستريم2”.

وقال نوريبور، وهو المتحدث باسم الخضر في الشؤون السياسية الدولية، إنه لا يستبعد الجهد الدبلوماسي، لكنه يفضل أيضاً استخدام سياسة فرض العقوبات مع روسيا، وأضاف نوريبور لتلفزيون “إن تي في” إنه يدعو دول الاتحاد الأوروبي إلى بحث أفضل سبل فرض العقوبات على سوريا، وانه يدعو إلى ذلك عن طريق الامتناع عن توقيع اتفاقية “نورث ستريم” غاز الشمال 2 مع روسيا. وهي اتفاقية لتوسيع خط أنابيب الغاز إلى دول الاتحاد الأوروبي ويضمن تدفق 55 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً إلى الأسواق الأوربية. ويعتقد النائب عن الخضر أن الطريق الدبلوماسي بمفرده لن يوقف القصف ويضمن ايصال المساعدات الإنسانية للمدن السورية المحاصرة.

وجاءت المطالبة بفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا من روبرت روتغن أيضاً، وهو رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني. حيث دعا خبير السياسة الخارجية في الحزب الديمقراطي المسيحي إلى عقوبات ذات مدى بعيد يستطيع الرئيس الروسي بوتين قراءة تأثيراتها منذ الآن.

وقال روتغن إن تحميل روسيا المسؤولية عن جرائم الحرب التي يرتكبها نظام الاسد غير قابلة للنقاش، وأن مرورها بلا عقاب سيكون فضيحة. واعترف روتغن بأن بلدان الاتحاد الأوروبي تخشى على أوضاعها الداخلية من فرض العقوبات على روسيا، لكنه اعتبر إرسال قوات ألمانية إلى سوريا خطأ.

وينبغي على أوروبا، في الأقل، بحسب روتغن، أن تزن كلماتها وأن تسمي جرائم الحرب التي ترتكبها روسيا “جرائم حرب”. وسبق للسكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون أن اعتبر قصف قافلة المساعدات الأممية الذاهبة إلى حلب بجريمة حرب.

إيلمار بروك، النائب الأوروبي عن الحزب الديمقراطي المسيحي، تجاوز طلب فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا بسبب مواقفها اللاإنسانية في سوريا، إلى التساؤل حول إمكانية تدخل ألمانيا عسكرياً في سوريا.

وأشار بروك، في مقابلة مع التلفزيون الألماني الأول “آي آر دي”، إلى استخدام المقاطعة التكنولوجية في معاقبة روسيا على قصف حلب الوحشي. وبرأيه يجب أن تتركز المقاطعة على التقنيات العسكرية التي تعرقل تطوير السلاح الروسي، وذكّر بهذه الطرق التي استخدمت خلال أيام الحرب الباردة.

وتساءل بروك: يمكن لانزال الجيش الألماني في حلب أن يعين في فك الحصار عن الناس، ولكن من يرغب في إرسال القوات الألمانية؟ ويرد على نفسه بالقول: “ربما الأفضل تسليح المعارضة براجمات الطائرات”.

تعليقات الفيسبوك