ستة أسباب تحول دون توصل موسكو وواشنطن لاتفاق في سوريا

عرضت صحيفة “أرغومينتي إي فاكتي” الروسية لرأي المحلل السياسي “ميخائيل نيجماكوف” حول الأسباب التي تحول دون توصل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية إلى حل وسط واتفاق بشأن سوريا.

حيث جاء في مقال الصحيفة الذي ترجمته “روسيا اليوم”: أن الولايات المتحدة أوقفت في بداية هذا الأسبوع التعاون مع روسيا بشأن الهدنة في سوريا، وقد عللت الخارجية الأمريكية ذلك بأن “موسكو لم تنفذ التزاماتها”؛ في حين أن الخارجية الروسية وصفت قرار الولايات المتحدة بأنه “صفقة مع الشيطان”. معتبرة أن كل هذا يشير إلى أن الطرفين لن يتمكنا من التوصل إلى أي اتفاق خلال الفترة المقبلة.

المحلل الروسي ميخائيل نجماكوف

وقال رئيس مركز تحليل السياسة العالمية “ميخائيل نيجماكوف” إن هناك ستة أسباب أدت إلى عدم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين هي أن الولايات المتحدة في “فترة خلو العرش” وعلى تخوم إدارتين. مضيفا أن رؤساء الولايات المتحدة يلعبون في نهاية فترة رئاستهم دور “الشرطي الشرير” في السياسة الخارجية، وعلى خلفيتهم يبدو الرئيس الجديد “شرطيا طيبا”. ويبدو ذلك واضحا في الأحداث التي وقعت في نهاية ولاية جورج بوش-الابن، حيث توقع الكثيرون أن تغزو القوات الأمريكية إيران. أما بالنسبة لباراك أوباما، فإنه يريد أن يتحقق تقدم ملموس في المسألة السورية في نهاية فترة رئاسته. ولكن التقدم السريع لم يحدث. لذلك، فإن البيت الأبيض حاليا يظهر عناده ولا يقدم التنازلات تاركا المسائل غير المحلولة في النزاع السوري إلى الرئيس الجديد للولايات المتحدة.

والسبب الثاني هو أن استمرار النزاع السوري يجلب ليس المشكلات فقط، بل ويعود على الولايات المتحدة بالفائدة. وإن استمرار النزاع ومشاركة روسيا فيه يزعج حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة؛ لأن عدم وضوح الموقف يدفعهم أكثر إلى أحضان واشنطن، ودعوتها إلى الضغط على موسكو. وعمليا، فإن إطالة المفاوضات مع روسيا أو تخلي الولايات المتحدة عنها، هي اللعبة المفضلة لواشنطن في “الفوضى الموجهة”.

أما السبب الثالث بحسب نيجماكوف فمرده إلى اختلاف وجهات النظر في النخبة الأمريكية حول النزاع السوري. مضيفا: هل تتذكرون ما قيل عن رئيس البيت الأبيض في المسلسل التلفزيوني “بيت من ورق”: “الرئيس مثل شجرة وحيدة في حقل مقفر، تتمايل مع الرياح”. من الممكن أن يدعو “الصقور” علانية إلى مهاجمة قوات الحكومة السورية، وليس “عرضيا” (لنتذكر الطلب الذي أرسله العاملون في الخارجية الأمريكية في شهر حزيران/يونيو 2016). أما الأمريكيون المعتدلون، فهم على استعداد للموافقة على بقاء الرئيس السوري الحالي في منصبه على الأقل “خلال الفترة الانتقالية” غير المحددة. وأوباما هو تلك “الشجرة الوحيدة”. فهو مضطر لتحقيق توازن بين مختلف القوى في النخبة الأمريكية. وهذا هو أحد أسباب تغير لهجة واشنطن بشأن النزاع السوري، الأمر الذي يسبب إطالة المفاوضات.

والسبب الرابع هو رفض الولايات المتحدة الاتفاق مع روسيا حول المشكلات التي لا علاقة لها بسوريا بما في ذلك العقوبات. كان الكثيرون يأملون في السنة الماضية بأن دور روسيا في النزاع السوري سيسمح لها بالحصول على تنازلات من الجانب الأمريكي بشأن المشكلات الأخرى، وخاصة في مسالة العقوبات المفروضة. ولكن واشنطن لا تنوي التراجع في هذه المسألة، لأن العقوبات بالنسبة إليها حجة جيدة للمساومة، ولن تتخلى عنها إلا بعد أن تجني منها أكثر ما يمكن من الفائدة.

والسبب الخامس بحسب نيجماكوف هو الاتفاقات التكتيكية المؤقتة بين البلدان الضالعة في النزاع. فمثلا في شهر أغسطس/آب الماضي توصلت روسيا وتركيا إلى حل وسط مؤقت بشأن سوريا. ولكن إذا تمكنت أنقرة من إضعاف موقف الوحدات الكردية في شمال سوريا، فإنها سوف تطلب من موسكو وطهران تنازلات أكثر في مسألة مستقبل سوريا. مثل هذه العوامل تؤثر أيضا في المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة.

أما السبب الأخير فهو العدد الكبير للمشاركين في الأزمة السورية، فمن الصعوبة التوفيق بين مصالح جميع الأطراف وبالتالي التوصل إلى اتفاق طويل الأمد، وحتى إذا توصلت موسكو وواشنطن إلى اتفاق تام، فسيظهر عدد من اللاعبين الإقليميين الذين سيعارضون الاتفاق لأنه لا يستجيب لمصالحهم.

تعليقات الفيسبوك