وثيقة رسمية روسية تبيّن سبب فشل وقف الأعمال العدائية في سوريا

أكدت وثيقة رسمية روسية أن سبب فشل اتفاقيتي وقف الأعمال العدائية في سوريا هي أمريكا لأنها “لم تنجح في فصل المعارضة المعتدلة عن الإرهابيين” والوفاء بأي من التزاماتها العسكرية والسياسية والأمنية، لكنها أشارت إلى “نجاح” موسكو في تحقيق أهدافها بينها “إبادة ٣٥ ألف إرهابي بينهم ٢٧٠٠ شيشاني، مقابل قتل المعارضة لـ”٣٥٣٢ عسكرياً سورياً و١٢٨٠٠ مدني”.

وسلمت الخارجية الروسية هذه الوثيقة، التي نشرتها صحيفة “الحياة”، إلى أطراف معنية بالملف السوري بالتزامن مع إعلان الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” فشل محاولات الوصول إلى اتفاق مع أمريكا لهدنة دائمة وإطلاق عملية سياسية لتنفيذ “بيان جنيف”. وهنا النقاط الأساسية في الوثيقة:

أولاً، اتفاق وقف العمليات العدائية الروسي الأمريكي في ٢٢ شباط/فبراير الماضي.

١- تنفيذ وقف العمليات القتالية في كل سوريا اعتباراً من ٢٧ شباط: أكدت روسيا والحكومة السورية التزام التنفيذ الكامل للاتفاق، في حين أكدت أمريكا والمعارضة السورية ضمن الإطار الزمني ذلك “لكن فقط من المعارضة المعتدلة” حيث واصل ٢٠ فصيلاً “العمليات العدائية”. وكانت النتيجة تسجيل ٢٠٣١ خرقاً للاتفاق من “الفصائل المعتدلة” بين ٢٧ شباط والأول من أيلول/سبتمبر ما أدى إلى مقتل ٣٥٣٢ عسكرياً سورياً و١٢٨٠٠ مدني، إضافة إلى جرح ٨٩٤٩ عسكرياً و٢٥٦٤٢ مدنياً.

٢- إبلاغ الأطراف المعنية التزام الاتفاق بموجب الموعد المحدد في الـ ١٢ ظهراً بتوقيت دمشق من يوم ٢٦ شباط: سلمت روسيا إلى أمريكا قائمة بـ ٤٧ فصيلاً “معتدلاً” التزموا الاتفاق، لكن أمريكا قدمت قائمة ضمت ١٣٨ فصيلاً “معتدلاً” بينها فصيلان ينتميان إلى تنظيم “داعش” وثماني فصائل تنتمي إلى “جبهة النصرة”. وكانت النتيجة “الفشل في فصل المعارضة المعتدلة عن المجموعات الإرهابية المعتدلة”.

٣- تبادل المعلومات بين روسيا وأمريكا حول حدود المناطق المشمولة باتفاق وقف العمليات القتالية: قدمت موسكو إلى واشنطن معلومات عن مناطق الفصائل الـ٤٧ “المعتدلة”، في حين لم تقدم واشنطن أي معلومات وخرائط حول مناطق المعارضة.

٤- تحديد مناطق “داعش” و”جبهة النصرة”: قدمت موسكو إلى واشنطن خلال المشاورات خراط “داعش” و”النصرة”، لكن الوفد الأمريكي قال إن المعلومات المقدمة من الجانب الروسي “ليست صحيحة. كما قدم الجانب الأمريكي خطة عامة عن مناطق النصرة لاتسمح بفصل المعتدلين عن جبهة النصرة”.

النتيجة من البندين الثالث والرابع كانت “الفشل في تحديد مناطق المعارضة المعتدلة لتحديد منتهكي الاتفاق”. كما أن “جبهة النصرة” احتفظت بقدراتها القتالية وكثفت هجماتها على القوات الحكومية السورية، إضافة إلى هجمات إرهابية على المدنيين”.

٥- استئناف الضربات ضد تنظيم “داعش”: قام الطيران الروسي القيام بحوالي ١٥٠ طلعة يومياً على مناطق “داعش” و”النصرة” وتم “تحرير” ٥٨٦ قرية و١٢٣٦٠ كيلومتراً مربعاً وجرت إبادة ٣٥ ألف إرهابي بما في ذلك ٢٧٠٠ عنصر من “رابطة الدول السوفييتية المستقلة”. في المقابل، لم يقم الطيران الأمريكي بأي ضربة ضد “النصرة” وشن بين ٦ و١٥ غارة يومياً ضد “داعش”. والنتيجة كانت، مقارنة بـ ٢٠١٥، تضاعف عدد الأعمال الإرهابية والعمليات الانتحارية من “النصرة” في ٢٠١٦.

٦- تأسيس مجموعة العمل لوقف العمليات القتالية ضمن “المجموعة الدولية لدعم سوريا”: ووفق الاتفاق، وصل ممثلو روسيا إلى جنيف، كما هو الحال مع ممثلي أمريكا. وأثمر هذا عن تبادل المعلومات لتنفيذ الاتفاق.

٧- تأسيس آلية لمراقبة تنفيذ الاتفاق: روسيا أسست مركزاً للمصالحة للأطراف المتنازعة في سوريا، وأرسلت ممثليها إلى كل المحافظات لمراقبة تنفيذ اتفاقات المصالحة المبرمة بما في ذلك إلى مواقع القوات الحكومية السورية. وجرى تحريك ٧٠ وحدة متنقلة للمراقبة الميدانية، في حين اعتمدت أمريكا في تقويمها على “معلومات موجودة على مواقع التواصل الاجتماعي”. لذلك لم يتم تأسيس مركز مراقبة مقبول من الأطراف المعنية.

٨- تأسيس خط أحمر بين قاعدة حميميم في اللاذقية ووحدة التحليل السياسي والعسكري للجيش الأمريكي في عمّان: روسيا أسست خطاً أحمر للاتصال ضمن الإطار الزمني، في حين أقدمت أمريكا بشكل انفرادي على توقيف خط الاتصال بدءاً من ٢٨ تموز/يوليو في العاصمة الأردنية عمّان. (يُعتقد بأن هذا جاء بعد ضرب الطيران الروسي لمواقع “جيش سوريا الجديد” في بادية التنف قرب حدود سوريا والعراق، وضرب معسكر كان فيه خبراء أمريكيون وبريطانيون مرتين في حزيران/يونيو وتموز). النتيجة ظهور عدم وجود نفوذ لأمريكا على فصائل المعارضة وعدم القدرة على تلبية مطالب روسيا.

٩- دعم الانتقال السياسي: روسيا أجلت مسنين من ٨٤٧ بلدة وقرية وضمت ٦٩ وحدة من “المعتدلين” في عمليات المصالحة، واستمرت في صوغ مسودة للدستور السوري، في حين “فشلت أمريكا بالضغط على الفصائل المعتدلة لسحب إنذارها لبشار الأسد بضرورة التنحي قبل الانتخابات”. النتيجة أن العملية السياسية وصلت إلى أفق مسدود.

ثانياً، الاتفاق الروسي الأمريكي في ٩ أيلول/سبتمبر حول خفض مستوى العنف وإدخال المساعدات الإنسانية وتأسيس مركز مشترك:

١- استئناف وقف العمليات القتالية في كل سوريا اعبتار من الساعة السابعة في ١٢ أيلول: روسيا تأكدت أن الجيش السوري يلتزم الاتفاق وراقبت تنفيذ الاتفاق عبر نشر كاميرات فيديو للنقل المباشر عبر الإنترنت. وعلى رغم الخروق، جرى تمديد اتفاق وقف العمليات العدائية مرتين لـ ٤٨ ساعة ولـ ٧٢ ساعة. الهدنة استمرت سبعة ايام. لكن أمريكا “فشلت في إلزام المعارضة المعتدلة بالاتفاق”. النتيجة أنه “بين ٩ و١٢ أيلول، قامت فصائل المعارضة المعتدلة بـ ٣٠٢ وخرق ما أدى إلى مقتل ٨٣ مدنياً وجرح ٢٥٢ آخرين. وفقد الجيش السوري ١٥٣ عسكرياً”.

٢- تأسيس نقطة مراقبة لـ”منظمة الهلال الأحمر العربي السوري” في طريق الكاستيلو بحلب: دعم روسيا تأسيس “المنظمة” نقطة تفتيش في القسم الغربي من طريق الكاستيلو في ١٤ أيلول، لكن أمريكا فشلت في إلزام المعارضة المعتدلة في تأسيس نقطة تفتيش”. لذلك لم يتم عبور حافلات المساعدات الإنسانية.

٣- انسحاب الجيش السوري والمعارضة المعتدلة من الكاستيلو وفق الآتي، الدبابات والآليات وراء ٣-٣.٥ كيلومتر، والرشاشات الثقيلة وراء ٢.٥ كيلومتر والأفراد وراء مسافة كيلومتر واحد والمراقبون إلى ٥٠٠ متر:

بدأت القوات النظامية مرتين الانسحاب من طريق الكاستيلو في ١٥ و١٦ أيلول. ولأن المعارضة لم تنفذ واجباتها، عاد الجيش السوري إلى مواقعه، في حين فشلت أمريكا في إلزام المعارضة بالانسحاب من الكاستيلو. النتيجة أنه لم تتوافر ضمانات بالأمان لحافلات الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية.

٤- إيصال المساعدات إلى حلب: وإذ وفّرت روسيا إقامة سبعة ممرات لعبور المدنيين وواحد للعسكريين (لإخراجهم من شرق حلب) ونسقت إيصال المساعدات الإنسانية، وضع “المتمردون” متفجرات في كل مخارج حلب وضايقوا المدنيين الذين أرادوا الخروج. كما أن قادة من المعارضة رفضوا إدخال حافلات المساعدات الإنسانية. وكانت النتيجة أن المدنيين في حلب لم يتوافر لهم الطعام والدواء ولم يتوافر لهم طريق للنجاة والخروج.

٥- تأسيس مركز مشترك روسي أمريكي لقتال تنظيم “داعش” و”جبهة النصرة”: إذ وصل ممثلو روسيا إلى المركز المشترك، فإنهم لم يتمكنوا من تنفيذ واجباتهم بسبب رفض من جانب ممثلي أمريكا، ذلك أن الأمريكيين وصلوا إلى جنيف لكنهم لم ينخرطوا في المناقشات والتنفيذ بناء على تعليمات من واشنطن. والنتيجة كانت أن العمليات العسكرية المشتركة الروسية الأمريكية ضد “داعش” و”النصرة” لم تبدأ مطلقاً كما كان متفقاً عليه.

٦- بدء الغارات المشتركة ضد “داعش” و”النصرة”: قام الطيران الروسي منفرداً بالاستمرار في ضرب “داعش” و”النصرة” بمعدل ٥٠ طلعة يومياً تضمنت ١٤٠-١٥٠ غارة بشكل وسطي، لكن القوات الجوية الأمريكية لم تضرب “النصرة” وحافظ الطيران الأمريكي على ١٢-١٥ طلعة يومياً تضمنت ٨-١٠ غارات. وفي ١٧ أيلول، ضرب الطيران الأمريكي موقعاً للجيش السوري قرب دير الزور، ما أدى إلى مقتل ٦٢ عسكرياً وجرح أكثر من مئة آخرين. لذلك “لم يجر مطلقاً بدء الغارات المشتركة ضد داعش والنصرة ما سمح للإرهابيين باستعادة السيطرة على مناطق واسعة والقيام بهجمات ضد القوات الحكومية السورية”.

تعليقات الفيسبوك