قسوة الحياة المفروضة على المدنيين في ريف حمص الشمالي لم تمنعهم من البحث عن طرق وأساليب تمكنهم من تعويض منازلهم التي دمرت بفعل قذائف وصواريخ قوات الأسد، تكون أقل تكلفة في ظل ارتفاع كبير لأسعار مواد البناء مع الأخد بالحسبان أن تكون هذه البيوت تكون دافئة شتاءا وباردة صيفا.
الحجر الأزرق:
عاد المدنيون في ريف حمص الشمالي إلى بناء البيوت من الحجر الأزرق، حيث استندوا في البناء إلى بيوت قديمة بنيت في السبعينات والثمانينيات من القرن الماضي، وهذه البيوت تكون دافئة في فصل الشتاء وباردة في الصيف.
وهذه البيوت ذات تكلفة بسيطة، حيث يصل سعر الحجرة الواحدة إلى 40 ليرة سورية، ويشتري المدنيون هذه الحجارة من المنازل القديمة التي تعرضت إما للقصف أو المنازل التي هجرها أهلها هربا من ويلات الحرب، فبذلك يتم إحياء بيوت جديدة بأسعار تكون مناسبة.
“سامي” أحد سكان مدينة الرستن قال: لدينا بيت قديم بناه أجدادي من حجر أزرق بازلتي على ضفاف نهر العاصي بالقرب من سد الرستن لكن همجية قوات الأسد وحقدها على التراث حولت المنزل إلى ركام بعد حملتين عسكريتين على المدينة، وتعرض المنزل للقصف مرات عدة وتم استهدافه مباشر من كتيبة الهندسة التي ترصد البيت بشكل دائم، مما اضطرني إلى بيع الحجر الأزرق لهذا البيت إلى شخص يريد بناء بيت جديد في منطقة أكثر أمانا من المنطقة التي نحن فيها.
بيوت الطين:
قام الأجداد ببناء هذه البيوت منذ قديم الأزل وأبدعوا فيها بلوحات معمارية في غاية الحرفية، اليوم وبعد أن نسي الأحفاد طرق بناء مثل هذه البيوت عادوا مجددا للإقبال على بنائها وبشكل كبير، حيث انتشر في ريف حمص الشمالي بناء هذه البيوت كونها تعد الأوفر ماديا.
يتم تصنيع بلوك الطين بطرق بدائية بسيطة حيث تجمع أكوام من التراب الأبيض أو الأحمر وتخلط بأعواد القش ومن ثم يتم سكب الماء عليها حتى تصبح طرية وبعد ذلك يسكب الطين اللين في قالب بسيط وتترك قطعة اللبن يومين أو أكثر حتى تصبح أكثر صلابة فتكون بذلك جاهزة للعمار. والتكلفة المادية لبناء القطعة الواحدة من الطين يتراوح بين (10-15) ليرة سورية.
“مروان أبو ربيع” شاب نازح من حي ديربعلبة إلى ريف حمص الشمالي تحدث لنا قائلا: بحثت طويلا عن منزل آوي إليه وأجهزه من أجل الزواج في أغلب مناطق الريف لكن بسبب الكثافة السكانية وقلة البيوت الصالحة للسكن لم أجد بيتا فاضطررت إلى بناء بيت من الطين مكون من غرفة صغيرة ومطبخ صغير كان الخيار الأخير لدي كونه أقل تكلفة مادية من ناحية البناء وتوفر المواد اللازمة، وخلال عشرة أيام أصبح البيت جاهزا وأنا الآن أعمل على تحضير مستلزمات الزواج بعد الانتهاء من بناء البيت.
بيوت من شوادر إغاثية:
لجأت عائلات نازحة في ريف حمص الشمالي إلى بناء بيوت من شوادر إغاثية وخشب، فكل ما يلزم لبنائها هو أعمدة قديمة من الخشب وشوادر إغاثية، حيث إن تكلفتها المادية ليست كبيرة، فسعر الخشبة الواحدة يقارب 1500 ل.س وسعر الشادر يقارب 5000 ل.س والغرفة تكلف 50 ألف ليرة سورية.
بعض المنظمات الإغاثية لجأت لبناء مخيمات صغيرة في ريف حمص الشمالي للعائلات التي ليس لديها القدرة المادية على بناء مثل هذه البيوت.
“عمر” نازح من حي ديربعلبة تحدث لنا قائلا: بعد نزوحنا من حي ديربعلبة في نهاية عام 2012 لجأنا مع عدد من عائلات أقاربي إلى قرى ريف حمص الشمالي، وبعد ذلك لم نستطع الخروج من ريف حمص الشمالي إلى أحياء المدينة خوفا من الاعتقال فأصبح الوضع المعيشي صعبا جدا، ونحن أكثر من عائلة نسكن في مخزنين لأحد أهالي القرية التي نقيم فيها.
وقال “عمر” إنه وبمساعدة أحد الأشخاص من أهل الخير وبالتعاون مع جمعية إغاثية استطعنا بناء مخيم صغير من الخشب وشوادر الإغاثة تقيم فيه عائلتي بالإضافة إلى ست عائلات أخرى.
خاص لتيار الغد السوري