زاد تنظيم داعش من مبيعات النفط والغاز لنظام الأسد قبيل تولي الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” زمام الأمور في البيت الأبيض، بحسب ما أكد مسؤولون أمريكيون وأوروبيون، وذلك لتوفير الوقود الحيوي للنظام مقابل الحصول على أموال يبدو التنظيم في حاجة ماسة لها.
مشتريات النظام للوقود من تنظيم داعش تساعد التنظيم على الحفاظ على موارده المالية السائلة في ظل الضغط العسكري غير المسبوق في كل من سوريا والعراق من قبل التحالف الدولي، على الرغم من الحرب المعلنة من قبل النظام وحلفائه الإيرانيين والروس على التنظيم إلا أنها لم تمنع النظام من التعامل مع التنظيم لضمان توريدات النفط والغاز.
حيث يؤكد مسؤولون أن مبيعات النفط والغاز لنظام الأسد هي الآن أكبر مصدر لتنظيم داعش من الأموال السائلة، وأنها تضاف إلى عائدات التنظيم التي يجمعها من عبور البضائع والضرائب على الأجور داخل الأراضي التي يسيطر عليها.
ويقول الدبلوماسي الأمريكي والمبعوث الخاص الحالي ومنسق شؤون الطاقة الدولية في الكونغرس الأمريكي “عاموس هوكستاين” إن تنظيم داعش بات يعتمد في موارده المالية فقط على ما يبيعه للنظام السوري من توريدات نفطية وغازية وما يولده من طاقة كهربائية يتشاركها مع النظام.
مبيعات تنظيم داعش لموارد الطاقة للنظام السوري توضح التحول، والخلط في بعض الأحيان، والتحالفات غير المنطقية التي ميزت الحرب المستعرة في سوريا منذ ما يقرب ست سنوات.
في هذه الحالة، وعلى الرغم من أن الحرب على تنظيم داعش هي هدف دائم لتصريحات بشار الأسد في حربه المعلنة ضد الإرهاب، فيما تعتمد حكومته على النفط والغاز الطبيعي المنتج في مناطق سيطرة التنظيم إلى حد كبير، بحسب ما يؤكد مسؤول أوروبي في مكافحة الإرهاب.
وقال مسؤولون غربيون إن نظام الأسد قد فشل في الوفاء بالتزاماته المالية وتسديد دفعات مستحقة للتنظيم مقابل شحنات من الغاز الطبيعي ما نتج عنه قيام التنظيم بتفجير مصنع للغاز يوم 8 كانون الثاني/يناير الجاري لإرسال رسالة للنظام بوجوب الدفع والالتزام بالاتفاق المبرم بينهما.
ويضيف هوكستاين، الذي يشرف على جهود الولايات المتحدة لشل قطاع الطاقة في تنظيم داعش، “إن التقارير لا تظهر حجم التجارة والتعاون بين التنظيم والنظام فقط بل تظهر أيضا وحشية هذه الصفقات”.
وكثف نظام الأسد من تجارة الطاقة بينه وبين التنظيم قبل أداء الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” اليمين الدستورية يوم أمس الجمعة، حيث أكد ترامب أن الحملة الأمريكية لتدمير تنظيم داعش ستكون أولوية له أعلى من إسقاط الأسد، وربما يعني ذلك الانضمام إلى روسيا والنظام في ذلك.
وقال هوكستاين إن تدمير تنظيم داعش لحقل “أكرم” الشرقي للنفط والغاز، والذي يقع بين تدمر والرقة والمستخدم من قبل التنظيم، “ينبغي أن يلفت نظر إدارة ترامب لإنهاء” سيطرة التنظيم على هذه المرافق الحيوية.
ويعد حقل أكرم الذي فجره تنظيم داعش يوم الأحد 8/1/2017 الفائت يعد من أكبر مراكز إنتاج الغاز في سوريا، ويمثل أكبر منشأة اقتصادية تتعرض للتدمير منذ اندلاع الثورة السورية، وقد بدأ تشغيل الحقل قبل اندلاع الثورة بأسابيع قليلة، في بداية عام 2011، وكان ينتج يوميا ثلاثة ملايين متر مكعب من الغاز ونحو 180 طنا من الغاز المنزلي، وبلغت تكلفته 290 مليون يورو، كما أنه يغذي محطات توليد الكهرباء في المنطقة الجنوبية.
بطبيعة الحال، شركة الغاز المملوكة لوزارة النفط السورية، التي نفت في وقت سابق أنها تشتري النفط من تنظيم داعش، لم ترد على المكالمات الهاتفية أو رسائل البريد الإلكتروني التي قام بها محررا التقرير في صحيفة وول ستريت جورنال.
وقد استولى تنظيم داعش على مجموعة من حقول النفط ومنشآت الغاز السورية والعراقية بعد أن استولى على مساحات كبيرة من شمال العراق وأجزاء كبيرة من سوريا في عام 2014. وواصل التنظيم بيع النفط للمشترين العراقيين والسوريين، بما في ذلك نظام الأسد، ليصل دخله إلى مليون دولار في اليوم. وقد انخفض هذا المبلغ بسبب القصف الجوي المستمر من قبل روسيا والتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق وسوريا ضد التنظيم.
ويقول هوكستاين وغيره من المسؤولين الأمنيين الغربيين إن شاحنات النفط التي كانت تحمل واردات نفطية إلى الحكومة العراقية من حقول النفط في التنك قرب دير الزور، تم تعديل مسارها مؤخرا وهي الآن تنقل حمولتها إلى نظام الأسد بدلا من ذلك.
وأكد مسؤول أمني غربي أنه قد تم قطع الطرق لتهريب النفط من سوريا والعراق إلى جنوب تركيا من قبل وسطاء محليين في كردستان ومجموعات مسلحة تدعمهم تركيا.
وقال مسؤول غربي إن تنظيم داعش وجد بعض الراحة من الضربات الجوية الأمريكية التي تستهدف عمليات تهريب النفط في وسط وغرب سوريا، حيث إن الجيش الروسي لديه وجود في هذه المناطق على الأرض وفي الأجواء، وهو ما يصعّب جهود التحالف لاستهداف التنظيم والقوافل التي تنقل النفط والغاز. ومع ذلك، فإن المعركة ضد التنظيم وموارده المالية قائمة على قدم وساق وحجمت الكثير من إمداداته المالية التي يتلقاها من النظام السوري.