أولاً- مقدمة
أغلب النخب السياسية العربية والعالمية لم تتوقع قيام الربيع العربي الذي فاجأ العالم بشعاراته المتمركزة حول الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، هذه الشعارات المطلوبة للواقع العربي البائس بحق مواطنيه، ليس لها إلا حامل واحد هو القوى الديمقراطية ذات التوجهات العلمانية والليبرالية والحداثوية بمعطياتها الحديثة البعيدة عن الأيديولوجيا، لكن هذه القوى ظلت متخندقة عند رؤيتها وخياراتها الضيقة،ولم تحاول التقاط هذا الحراك والتحول التاريخي المهم جداً وقيادته،لأنه يتماهى مع شعاراتها وأفكارها وبنيتها أيضاً، ويعبر عنها تماماً كما تطرحه أدبياتها ووثائقها،وتركت الساحة لقوى مافوية، سلفية، جهادية، قوماوية لا تؤمن أصلاً بأي شعار من شعارات الثورة، ولم تتبن في أدبياتها وخطابها أي شكل من أشكال الحريات وأنواعها، وهي تعاديها أصلاً،كحرية الفرد وحرية الرأي والاعتقاد، ومجمل الحريات السياسية والاجتماعية.
ما سبق، ينطبق تماماً على الواقع السياسي السوري اليوم، واقع الشعب السوري وثورته وأدواتها وحواملها وصيرورتها، وما وصلت إليه. حيث نرى بكل وضوح انحراف الثورة عن مسارها الوطني الديمقراطي لتصبح صراعاً متعدد الأوجه؛ ديني، عرقي، مذهبي.. والمسؤول الأول والأخير عن تلك الانزياحات التي حصلت للثورة الشعبية السورية هو القوى الوطنية الديمقراطية القديمة والحديثة، والتي تبدو اليوم خارج الواقع السوري، بالرغم من أن الاشتراطات والحلول والمواقف والرؤى الدولية ومعظم الإقليمية تؤكد على ضرورة وأهمية مدنية وديمقراطية سورية القادمةوحق علمانيتها.
لكن السؤال المهم في ذلك: أين هي تلك القوى الوطنية والديمقراطية، أين قيادتها؟ أين برامجها واستراتيجيات عملها؟.
كثيرة هي الأسباب التي جعلت القوى التقليدية المافيوية تتسيد فعل الثورة السورية؛ إعلامياً وعسكرياً وإغاثياً وحتى ديبلوماسياً. وكثيرة هي الأسباب التي جعلت من القوى الديمقراطية، والتي تدعي الإنتماء للحداثة والتغيير مغيبة، وبعيدة عن التأثير والقيادة لما حدث ويحدث في سورية.
من هنا يرى تيار الغد السوري أن من أهم الأولويات المطلوبة أمام قوى التغيير والحداثة والديمقراطية، هو وحدتها بجسم سياسي واحد له قيادة واحدة، ويمتلك برنامج عمل وطني مرتبط بمعطيات الواقع السوري والإقليمي والدولي يكون قادراً على حل مشكلات الواقع التي يسببها اليوم كل من نظام الاستبداد الأسدي وجماعات التطرف الإسلامي وملحقاتها والتدخل الخارجي المباشر، ويعتقد تيار الغد السوري أنه لن يكون وجود لسورية ديمقراطية دون وجود تجمع للقوى الديمقراطية موحد القيادة والرؤية،يمتلك أدوات وبرامج ومشاريع يقود فيها البلاد نحو التخلص من كل أشكال الاستبداد ويؤسس لمجتمع وثقافة ديمقراطية.
ثانياً – أسباب ضعف المعارضة الوطنية الديمقراطية
1- غياب الممارسة الديمقراطية التحررية، والتركيز على إسقاط النظام فقط عبر أية قوة خارجية كانت أم داخلية، ولم تتمكن معظمها من صناعة وعي عام معادي للاستبداد بكل أشكاله السياسية والدينية وغيرها.
2- عدم قدرة المعارضة الوطنية الديمقراطية على الحفاظ على استقلالية قرارها، وتبعية بعضها لقوى إقليمية ودولية، مما جعلها غير محترمة من قبل القوى الإقليمية والدولية ومن قبل الشعب السوري الذي لم ير لها دوراً واضحاً،ولا موقفاً موحداً لحل مشكلاته.
3- فشل خطاب المعارضة الوطنية الديمقراطية في تبني سياسات وطنية تحارب تنامي التوجهات الطائفية والعرقية وصراعاتها، وجلست عاجزة أمام هيمنة خطاب تلك القوى وهيمنتها على الواقع الداخلي والإقليمي والدولي، مما جعل الكثير من دول العالم التي أيدت الثورة منذ البداية تتراجع، وأخذت تفكر بفتح قنوات اتصال مع النظام الاستبدادي.
4- عجزت المعارضة الوطنية الديمقراطية عن مراكمة خبراتها وتفعيلها وطنياً ودولياً، ولم تتمكن من نيل احترام الشعب السوري.
5- عدم قدرة المعارضة الوطنية الديمقراطية على التعامل المسؤول والفاعل مع التغيرات والتبدلات المتسارعة وطنياً وإقليمياً ودولياً، حيث لا يزال معظمها يتعامل مع السياسة الدولية على أساس نظرية المؤامرة وأيديولوجيا الحرب الباردة التي انتهت في تسعينيات القرن الماضي.
6- خوف الكثير من المعارضين الوطنيين الديمقراطيين، ممن هم من المكونات السورية التي يطلق عليها اسم أقليات (العلويين، الدروز، الأكراد، المسيحيين.. الخ) من الحالة الإسلامية التي تسيدت فعل الثورة اليوم، وعدم مناقشة أسباب ذلك ومدى خطورته على مستقبل سورية أرضاً وشعباً.
7- لم يكن للمعارضة الوطنية الديمقراطية السورية استراتيجيات عمل تصلها بالمجتمع السوري، وتساعدها على قراءة معطيات الواقع قراءة صحيحة تجعل منها قادرة على تقديم مايحتاج إليه ذلك الواقع من الحلول والرؤى التي يتطلبها.
8- سياسة نظام الاستبداد الأسدي في إغلاق أية أبواب أو مجالات أمام أي نشاط سياسي يهدف إلى بناء دولة ديمقراطية حديثة، واستخدامه أعلى أشكال العنف والإرهاب والإقصاء والعزل، وحتى السحق الكامل بحق القوى السياسية السورية، وخاصة الديمقراطية.
9- عجز المعارضة الوطنية الديمقراطية عن إنتاج أو بلورة مشروع هوية سورية، وخاصة بعد التفكك وحالة التذرر التي تعيشها المكونات السورية كافة جراء انكشاف الغطاء عن المجتمع السوري وخروج كل المردة والشياطين الطائفيين والعرقيين وتسيدهم على الواقع السوري اليوم.
10- تصاعد الخطاب والفعل الإسلامي بأنواعه، وتغييب السياسة لصالح الحرب، والذي انجرت إليه الكثير من القوى والشخصيات الوطنية الديمقراطية، مما جعل بعضها يرتبط ويتفاعل مع أجندات خارجية، وبعضها يلجأ لفرض رؤياه، ولو على حساب وحدة الشعب السوري وأرضه، والبعض الآخر يساوي بين النظام والذين يحاربونه، أضف إلى ذلك أن معظم هذه القوى تخجل أو لا تجرؤ على مناقشة القضايا والمشكلات الطائفية والعرقية.
11- الإقصاء والتهميش والتشويه المتعمد للقوى الديمقراطية من قبل كل من الاستبدادين الديني والسياسي،وحتى الكثير من القوى الإقليمية التي تخشى انتصار الربيع العربي ومايحمله من تغيير سيصيب كل بنى الدولة والمجتمع.
ثالثاً – أهداف المشروع:
1- توحيد القوى الوطنية الديمقراطية السورية بجسم سياسي واحد مع الحفاظ على استقلالية البنية التنظيمية لكل تيار أو هيئة أو حزب، ويكون له قيادة جماعية وبرنامج عمل وطني يسرع في التخلص من النظام الاستبدادي الأسدي ومن القوى الجهادية التكفيرية ويوقف الحرب والدمار الذي تتعرض له سورية أرضاً وشعباً، والخروج من حالة العطالة والتشظي والتحارب والتنافس إلى حالة الوحدة المبنية على أطر تنظيمية حديثة تكون ممتلكة لوعي يطابق حاجات الواقع السوري والإقليمي والدولي.
2- وضع خطط واستراتيجيات وآليات قيام الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة وتفعيلها على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي.
3- العمل على إعادة تأسيس الكيان السوري استناداً لأهداف ثورة آذار 2011 مع ضرورة مواجهة الاصطفافات الماقبل وطنية والمحاور الإقليمية والدولية.
4- يهدف إنشاء التجمع إلى تحديث الأدوات الفكرية والسياسية والتنظيمية للقوى الوطنية الديمقراطية لغاية تفعيلها كقوة وطنية سورية يمكن أن تكون بديلاً مقبولاً ومرحبا به لدى السوريين أولاً ولدى القوى الإقليمية والدولية، وتكون بديلا فاعلا وضروريا لكل من النظام الاستبدادي والاستبداد الديني والمذهبي والعرقي.
5- مواجهة حالة الانقسام الطائفي الحاد والتوترات المناطقية والعرقية الانفصالية تحت أي مسمى، والسبب في بروز ذلك هو غياب المشروع الوطني العام لدى من هو مؤهل له، ألا وهي تلك القوى الوطنية الديمقراطية.
6- تمكين القوى الوطنية الديمقراطية من العمل على إيجاد وبناء تحالفات إقليمية ودولية على أساس المصالح المتبادلة والمساواة، وبالأخص مع القوى الديمقراطية في البلدان المجاورة لسورية.
7- أن تقوم القوى الوطنية الديمقراطية بدور فعال بتطوير تحديث المجتمع السوري والمساهمة الفعالة بعملية التحول الديمقراطي في مجال حقوق الإنسان والحقوق المدنية التي تنص عليها المواثيق الدولية، ومواجهة الولاءات الطائفية والعشائرية والدينية والعرقية المعادية للحداثة والتقدم والمستقبل باستراتيجيات عمل سياسية وإعلامية وفكرية، انطلاقاً من بنية الفكر العلماني الليبرالي الذي يرى ذاته وهويته وفاعليته في الحداثة والتقدم وسيادة القانون والشفافية وحقوق الإنسان.
8- دعم صمود السوريين في الداخل ممن يعانون من بطش النظام الاستبدادي وإرهابه، ومن إرهاب استبداد الجماعات المسلحة الجهادية وأخواتها.
9- مواجهة المشكلات العامة لكافة السوريين، من مشكلات اجتماعية وتعليمية ومعيشية ووضع استراتيجيات لحل هذه المشكلات تكون قابلة للتطبيق سواء كان في الداخل أو بالخارج.
10- وجود هذا التجمع يساعد على الفرز الوطني على أسس سياسية وفكرية، بدلاً من الفرز الحالي القائم على أسس ما قبل سياسية وما قبل وطنية، حيث يكاد الكثير من قواه يذهب باتجاهات عرقية وطائفية وحتى مناطقية.
11- بناء هذا التجمع للقوى الوطنية والديمقراطية يؤدي إلى إنتاج مركز ثقل سياسي فاعل ومؤثر في الداخل الوطني، وفي كل من السياستين الإقليمية والدولية، يقدم للسوريين وللعالم رؤية سياسية جديدة بخطاب عقلاني وواقعي، يكون قادراً على توظيف التناقضات والصراعات الدولية حول سورية، بما يحقق مصالح الشعب السوري وأهداف ثورته.
رابعاً – العوامل المساعدة لتحقيق المشروع
1- الشعارات والأهداف التي بدأت بها ثورة الشعب السوري الداعية لإسقاط نظام الاستبداد والمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وهذه أصلاً من بنية فكر القوى الوطنية والديمقراطية.
2- الحجم الهائل للحراك الشعبي السوري في بداية الثورة، والذي غطى معظم المساحة السورية بمشاركة كل المكونات الاجتماعية السورية.
3- التعاطف الإقليمي والدولي مع الثورة في بدايتها، والذي أدى لعزل النظام الأسدي إقليمياً ودولياً.
4- مبادرات الحل السياسي الدولية والإقليمية، والتي أكدت جميعها على ضرورة قيام دولة مدنية ديمقراطية.
5- كثرة وعظمة الثوابت الوطنية والديمقراطية التي أكدتها الثورة السورية، وخاصة من ناحية شعبيتها وعدم طائفيتها أو عرقيتها، وسلميتها التي تنفي تحميلها مسؤولية الدماء والدمار، وأنها لم تكن ثورة مطالب وإصلاحات بل ثورة حقوقية وسياسية.
خامساً – رؤية لميثاق عمل وطني سوري
تكونت سورية كدولة بحدودها ومساحتها الجغرافية، وبمكوناتها الاجتماعية المعروفة من خلال نصوص سايكس – بيكو، ومؤتمر سان ريمو 1920 دون أن تستشار المكونات السورية بذلك. وقامت فرنسا بالعمل على إنشاء أربعة كيانات سرعان ما تهاوت برغبة من النخب السورية آنذاك، وتم اعتماد الجمهورية السورية موحدة بين تلك الكيانات الأربع.
بعد 1936 بدأ يتبلور وعي وطني سوري وهوية سورية جامعة لكل مكوناتها،وقد أخذ ذلك بالتنامي حتى وصل لمرحلة متقدمة في خمسينيات القرن الماضي. ولكنه عاد وتراجع بسرعة بفعل سيطرة قوى عسكرية على الدولة ومؤسساتها فرضت حكماً شمولياً قام على تدمير الوطنية والهوية السورية، محولاً الشعب السوري مرة أخرى إلى مجموعات عرقية ودينية ومذهبية أخذت تنزوي كل واحدة منها على نفسها للدفاع عن ثقافتها وقيمها وموروثها.
لقد أدرك نظام الاستبداد الذي حكم سورية منذ ستينيات القرن الماضي أن بقاءه في السلطة يقوم أساساً على تذرير المجتمع السوري، وتشجيع الصراعات والاحتراب بين مكوناته، ونجح في ذلك إلى حد كبير.
ومع قيام ثورة آذار 2011 رفع المتظاهرون السوريون شعارهم الأول الذي يقول بوحدة الشعب السوري، وأن سورية لكل مكوناتها المجتمعية، وهذا أقلق نظام الاستبداد كثيراً فأخذ يعمل بكل ما يملك من إمكانات هائلة في مجال الإعلام والعسكرة، وماله من علاقات دولية وظيفية على تحويل الثورة إلى ثورة طائفية تقودها طائفة ضد الطوائف الأخرى، ومارس أعلى أشكال إرهاب الدولة لإنجاح ذلك مما وضع سورية الوطن والشعب أمام أزمة اجتماعية قاتلة ومدمرة لكل ما عمل عليه السوريون من أجل بناء دولة واحدة لمجتمع واحد متعدد الشعوب والثقافات والأديان والمذاهب.
إن حالة الاحتراب والترقب والتشرذم المتنامية اليوم في المجتمع السوري تسمح لكل القوى والشخصيات والدول المرعوبة من وحدة سورية أرضاً وشعباً،ومن ثورتها التي تبشر بمرحلة جديدة تقوم على الديمقراطية وثقافتها ومخرجاتها، وقدرتها على التطور المتسارع في جميع المجالات، في أن ينجحوا بتحقيق ما يريدون من إنشاء دويلات وكيانات عرقية ومذهبية لا مستقبل فيها لأحد في العيش الحر الكريم، ويجعلها ألعوبة بيد الدول والمتنفذين وأصحاب الأطماع السلطوية والمالية.
إننا ندعو جميع القوى السياسية والإجتماعية والفكرية إلى العمل على جعل سورية وطناً موحداً أرضاً وشعباً يليق بكل أبنائه من أي عرق أو دين أو مذهب كانوا، للعمل على إنتاج ميثاق شرف (عمل) وطني جامع، يعزز وحدتها وتماسكها من أجل مستقبل سوري تسود فيه الحرية والعدالة والسلام والمساواة بين كل مكونات سورية التي تأكلها الحرب ومشاريع التقسيم.
إننا في تيار الغد السوري نرى أن ميثاق العمل الوطني يجب أن يتضمن البنود التالية:
1 – تؤكد القوى المجتمعة على مدنية الدولة السورية ولامركزيتها، والمساواه الكاملة في الحقوق والواجبات بين كل مكونات الشعب السوري، مهما كبر أو صغر حجمها، ودون تمييز على أساس العرق أو الدين أو المذهب أو الجنس.
2 – يكون نظام الحكم جمهوريا برلمانيا، مبنيا على التعددية وتداول السلطة، والفصل التام بين السلطات، واستقلال القضاء، وسيادة القانون، ويحق لكل سوري وسورية من أي عرق أو دين أو مذهب أن يشغل المناصب العليا في الدولة بما فيها رئيس الجمهورية.
3 – الالتزام بالعمل على إعادة بناء المجتمع السوري بكل مكوناته ضمن عقد اجتماعي جديد تصيغه نخب المكونات السورية، يقوم على المساواة الكاملة بين تلك المكونات في حقوقها الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية.
4 – الإقرار بحقوق الفرد السوري، من أي مكون كان، التي تنص عليها المواثيق الدولية في مجال حرية الرأي والعقيدة والانتماء السياسي، والإقامة وحق العمل والتعليم بكل مستوياته، والعمل على خلق وعي وطني عام مبني على المصالح المشتركة بين المكونات.
5 – سورية بلد متعدد القوميات والمذاهب والأديان، وهي ليست حكراً لأي قومية أو لأي دين أو مذهب، ويحق لكل القوميات تعليم أبنائها بلغتها ونشر ثقافتها وقيمها في المجتمع السوري القادم. والعمل على تكريس السلم الأهلي بين كافة المكونات وتكريس ثقافة الحوار الوطني.
6 – رفض أي شكل من أشكال الصراع المسلح بين مكونات الشعب السوري، وتحل جميع الخلافات عن طريق الحوار الحضاري السلمي.
7 – التأكيد على منع سحب الجنسية والتهجير ومصادرة الأملاك لأي فرد أو فئة من مكونات الشعب السوري، ويحق لكل سوري الإقامة والعمل والتملك في أي مكان من سورية المستقبل.
8 – التأكيد على حقوق المرأة ومساواتها الكاملة مع الرجل في الحقوق والواجبات.
9 – الاعتراف بأن سورية تتألف من عدة قوميات (العربية – الكردية – الآشورية السريانية – التركمانية) وغيرها من قوميات أخرى، وأن حقوق كل تلك القوميات متساوية أمام القانون والدستور، ولها حق إدارة شؤونها المدنية والإدارية باستقلالية، وعلى قاعدة اللامركزية، بحيث لا تتعارض مع الوحدة الوطنية السورية الجامعة، ويحاربون جميعا أية اتجاهات انفصالية مهما كان نوعها.
سادساً- الخاتمة
إن الثورة السورية بدأت بتشكيل ورسم ملامح وطنية جديدة مبنية على أهم ما أنجزه الفكر الإنساني في مجال الحريات وحقوق الإنسان وطبيعة الدولة ونظام الحكم.هذه الملامح تؤكد على أن القوى المؤهلة لتنفيذها هي القوى الوطنية الديمقراطية السورية المنتمية للأطر العلمانية الليبرالية، وإن هذه الملامح والرؤى المستقبلية يقوم على تدميرها كل من النظام الاستبدادي والإسلام السياسي بكل أشكاله وخاصة الإسلام الجهادي المتطرف.
وأخيراً يعتقد تيار الغد أن أهم حدث سياسي سيكون للثورة السورية هو إنتاج وتفعيل هذا التجمع للقوى الوطنية الديمقراطية السورية الذي نراه ضرورة تاريخية واجبة التنفيذ، وكلنا أمل بقوانا الوطنية الديمقراطية من حيث وطنيتها والتزامها ووعيها وإدراكها لخطورة ما يحدث اليوم في وطننا من مشاريع إمارات ودول وكانتونات على أسس طائفية وعرقية ومناطقية وحتى شخصية، حيث يسود اليوم في سورية مشروعان: الأول طائفي تقوده إيران، والثاني طائفي آخر تقوده داعش والقاعدة وبعض الجماعات الأخرى.
وهذا أهم وأصعب ما سيواجهه هذا التجمع كي تكون سورية جديدة ذات نظام ديمقراطي تعددي يحقق مصالح جميع السوريين السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
إن ما يحصل في سورية اليوم لم يعد يحتمل السكوت عنه، أو تجنبه، أو عدم التصدي له، أو إرجاؤه، لأن ذلك سيأخذ وطننا وشعبنا والمنطقة كلها إلى حروب يصعب التنبؤ بنتائجها وكارثيتها.
أحمد عوض
أمين سر تيار الغد السوري