روسيا ويد إيران المقطوعة .. أول مكاسب الثورة السورية

هل انتهى التحالف الروسي الإيراني في سوريا؟؟.. ربما الإجابة عن هذا السؤال باتت اليوم الشغل الشاغل للكثير من المحللين والمهتمين بالشأن السوري، لا سيما وأن وقوع أي انفصال في المصالح بين طهران وموسكو سيكون كفيلاً بتغيير المشهد كلياً على الأرض السورية.

ما جمع الدولتين في سوريا كان وحدة موقفهما من نظام الأسد ودعمه مع انطلاق الثورة السورية 2011، ما يؤكد على أن أي تبدل في موقف موسكو من الأسد وبقائه في السلطة سيهدد بشكل مباشر تلك العلاقات، إلى حد ربما يصل إلى الصدام غير المباشر بينهما في المستقبل المنظور، خاصةً وأن المصالح الإيرانية مرتبطة ببقاء نظام بشار الأسد بصورته الطائفية، وأن طهران تنظر إلى استمرار الأسد بالحكم كمسألة مصيرية غير قابلة للتفاوض.

التباين في الموقف الإيراني الروسي، ظهر جلياً وبشكل واضح بعد طرد روسيا للمليشيات الإيرانية من حلب الشرقية واستبدالها بالقوات الروسية، ومنع بشار الأسد من إلقاء خطاب “النصر” في حلب، إلى جانب محاولة روسيا التقرب أكثر من المعارضة السورية المسلحة سوءاً من خلال المشاركة الجوية بمعارك الباب التي تخوضها المعارضة والقوات التركية ضد تنظيم داعش، ومؤتمر الأستانة الذي حاولت روسيا من خلاله الانتقال إلى موقع الوسيط الدولي بدلاً من الداعم لأحد الأطراف، وهو ما يثير حفيظة وقلق الإيرانيين، ناهيك عن ما أفرزه التدخل الروسي المباشر في سوريا من تهميش للسلطة الإيرانية وتحويلها إلى عنصر تابع بعد أن كانت صاحبة الصولة والجولة.

من أهم النقاط التي لا بد من الإشارة إليها أنه من الخطأ النظر إلى العلاقة الإيرانية الروسية على أنها تحالف استراتيجي غير قابل للانهيار، فما أرادته روسيا من إيران أن تقاتل بالوكالة عنها برياً في سوريا، ليتجنب بوتين تكرار سيناريو حرب أفغانستان التي كانت بمثابة الضربة الأقوى التي صدعت تماسك الاتحاد السوفياتي سبعينيات القرن الماضي قبل أن يتفكك بشكل كلي مطلع التسعينيات.

نعم دخلت إيران إلى سوريا، وخاضت معارك حامية الوطيس ضد السوريين والمعارضة، وتكبدت خسائر كبيرة مادياً وبشرياً، وامتلكت مقاتلين على الأرض، ولكن ما ضحت فيه إيران بالأمس تجني موسكو ثماره اليوم من خلال قاعدتي حميميم وطرطوس والتواجد العسكري في حلب والسيطرة على مفاصل الدولة والقرار فيها، فيما بقي لإيران شركة اتصالات وبعض الامتيازات الاقتصادية التي لا يمكن اعتبارها مناطق نفوذ إيرانية في البلاد ولا حتى مجرد تعويض عن ما خسرته في الحرب السورية.

حقيقة، أخطأت إيران عندما ظنت أن الروس سيقبلون بسوريا “إيرانية” على شاكلة العراق، لاسيما أنها آخر مناطق النفوذ الروسي خارج حدود الاتحاد السوفياتي سابقاً وعلى المياه الدافئة، إلى جانب كونها أكبر مستوردي السلاح الروسي في العالم، كما أخطأت عندما ظنت أن دولة بحجم روسيا ستقبل أن تحكم إيران مصالحها في سوريا، وربما هذا ما أدركته طهران متأخرة.

باختصار، ما أريد قوله أنه الدور الإيراني بالنسبة للروس قد انتهى تقريباً إن بقيت الأمور على ما هي، وربما سيحمل هذا معه نهاية حكم آل الأسد “بغض النظر عن الطريقة والشكل”، وأن الجهود الروسية اليوم تنصبّ على محاولة السيطرة على سلاح المعارضة السورية من خلال التحالف مع تركيا لا سيما في الشمال السوري القريب من القواعد الروسية في حميميم والساحل، ما يمكن موسكو من الاستغناء كلياً عن الاعتماد على المليشيات الإيرانية في الانتشار على الأرض السورية، بما يمهد لضغط موسكو باتجاه سحب هذه العناصر، لتجنب أي محاولات إيرانية لتصعيد الوضع هناك أو شن هجمات على المواقع الروسية، وذلك ربما من خلال الضغط المباشر على طهران أو من خلال دعم روسيا بقرار في مجلس الأمن يطالب بسحب القوات الأحنبية من سوريا، وهو الأمر الذي يفسر محاولات طهران المتكررة لإفشال اتفاق وقف إطلاق النار والتمسك بالحل العسكري.

أيًّا كان الحل في سوريا، وأيًّا كان الدستور أو النظام البديل أو حتى لو بقي لبشار الأسد “لاقدر الله”، فإن هذا لن يغير من حقيقة هزيمة إيران في سوريا، وانحسار النفوذ الإيراني هناك إلى أقل مستوياته، وأن كل ما ستملكه طهران في سوريا مستقبلا لن يتجاوز ما ورد في الاتفاقيات الاقتصادية التي وقعتها مؤخراً مع نظام بشار الأسد دون أي وجود عسكري أو ديني كما كان الحال عليه في السابق وحتى قبل 2011، وهو ما يمكن أن يحسب كأول مكسبٍ للثورة السورية مع دخولها عامها السابع.

حسام يوسف – تيار الغد السوري

تعليقات الفيسبوك