هل سيبقى تنظيما داعش والقاعدة متنافسين دائماً؟

يبدو أن تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” يخوض صراعاً مميتاً مع تنظيم القاعدة في سوريا وفي أماكن أخرى من العالم الإسلامي، وفي المقابل يرى تنظيم القاعدة التهديد الناجم عن صعود الدولة الإسلامية خطيراً جداً. لذلك فإن فهم أهمية ومدى ومدة هذا التنافس أمر حيوي لمكافحة الإرهاب في المستقبل، حيث إن هذان التنظيمان خطيران وهما منفصلين، فكيف إذا اتحدا، وعلى ما يبدو أن إمكانية اتحداهما ليست بعيدة جداً كما يُتصور.
لقد ركز تنظيم القاعدة أكثر على مهاجمة الولايات المتحدة بينما يسعى تنظيم “داعش” إلى توطيد وتوسيع دولته، وبالرغم من أن كل طرف لديهِ أهداف مختلفة عن الآخر، إلا أن الحركة ككل تربطها علاقات شخصية عدة تعتمد على تاريخ من القتال المشترك في أفغانستان والعراق، وجبهات أخرى. بالإضافة إلى أن العديد من الأفراد المعنيين، ولا سيما خارج أطار العراق وسوريا، يعتبرون أنفسهم أخوة في السلاح وليسوا حريصين على اختيار أحد الطرفيين. ناهيك عن أن كلا الطرفين متصلان بنفس مصادر التمويل ومصادر التجنيد، وهو ما حفزهما على متابعة منهجياتهما المتشابهة.
وقد أشار بعض خبراء الإرهاب البارزين على مستوى العالم إلى أن اندماج واتحاد تنظيم القاعدة و”داعش” قد يحصل في الأيام القادمة، لاسيما وأن أوجه الشبه العقائدي بين تنظيم القاعدة و”داعش” أكبر بكثير من أوجه الاختلاف بينهم، لكن وبالنظر إلى عمق خلافهم فإن توحدهم يمثل تحدياً حقيقياً لكلا الطرفيين.
بالعودة إلى أواخر التسعينيات في القرن الماضي وأحداث 11 أيلول/سبتمبر، نرى أن تنظيم القاعدة نجح في توحيد فروع كثيرة للحركة الجهادية الحديثة، فقد حظيت الجماعة بمكانة كبيرة جلبت لها المزيد من المجندين والمزيد من التمويل خاصةً عقب شنها الهجمات على الولايات المتحدة. لكن وبعد حملة الولايات المتحدة وحلفائها لمحاربة الارهاب في العالم، أصبح تنظيم القاعدة في موقف دفاعي، لا سيما وأن الجهود العسكرية الباكستانية وحملة الطائرات بدون طيار أثرت بشكل سلبي على ما أنشأتهُ الجماعة ما قبل أحداث 11 سبتمبر، بالإضافة إلى تضاؤل قدرتها على الوصول إلى مصادر التمويل ومصادر التجنيد.
ورغم استناد الانقسام بين الجانبين على اختلافات جوهرية في الأيديولوجية والاستراتيجية، إلا أن كلاً من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية يشتركان في الرؤية المحورية طويلة الأجل المتمثلة بحكم العالم وفقاً للشريعة الإسلامية، لكنهما يختلفان بشكل كبير على الأولويات، فزعيم الدولة الاسلامية “أبو بكر البغدادي” يرى أن بناء الدولة التي تحكم وفق الشريعة الاسلامية هي من الأولويات. وفي المقابل، يرى زعيم القاعدة “الظواهري” أنهُ يجب إعطاء الأولوية لل”العدو البعيد” ويخشى من اقامة الدولة قبل أن تنضج الظروف المناسبة لذلك رغم أن الصيت الذي حظيت به دولة “داعش” قد يجعله يعيد النظر في الأمر. ويختلف التنظيمان في مدى التركيز على محاربة الشيعة ومدى إمكانية التعاون مع الجماعات غير الجهادية. لكن على المدى القصير يبدو أن العديد من الجهاديين، لاسيما أولئك الذين لا يرتبطون بجماعات بايعت هذا التنظيم أو ذاك، يمكن أن يعملوا معاً وأن ينتقلوا من جماعة إلى أخرى تبعاً لارتفاع مكانتها.
أخيراً، يبدو أن تنظيم “داعش” متفوق على تنظيم القاعدة بالرغم من الانتكاسات التي حدثت مؤخراً في تجنيد المقاتلين، وفي حال استمر تقاعس تنظيم القاعدة بالتوازي مع تقدم الدولة الإسلامية “داعش” فمن المحتمل أن يعزز ذلك الانشقاقات وقد يؤدي إلى شلل وفقدان التمويل لتنظيم القاعدة، أضف إلى أنه إذا ما توفي الظواهري، الذي ليس له خليفة واضح يخلفه، قد يصبح هذا السيناريو أكثر احتمالاً. والعكس بالعكس، فإذا ما استمرت نجاحات الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب أو جبهة النصرة في سوريا، فقد تعيد التوازن بين المجموعتين. وسواء اتحدوا أو بقيا متفرقين، تبقى هذه توقعات سيكشفها المستقبل، ويبقى المؤكد أن الحركة ككل لا تزال قوية وخطيرة.

دانيل ل. بايمان – مركز بروكينغز
ترجمة محمد القبلان – مرقاب

تعليقات الفيسبوك

اضف تعليق