أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أنه على وشك التوصل إلى اتفاق مبدئي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف خلال مباحثاتهما في جنيف لحل بعض المسائل التي تعيق إبرام هدنة في سوريا وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المعرضين للخطر، فيما لم يتم تحديد آليات الاتفاق بشأن التعاون لحل الأزمة السورية.
وقال كيري في مؤتمر صحفي أعقب مباحثات استمرت نحو عشر ساعات مع لافروف مساء أمس الجمعة إن خبراء البلدين سيبقون في جنيف لإنهاء المسائل العالقة وإنجاز تفاصيل الاتفاق، مؤكدا على ضرورة احترام اتفاقية وقف الأعمال العدائية في سوريا، والعمل على إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، خصوصا حلب.
وأضاف أن مباحثاته مع نظيره الروسي ركزت على كيفية جعل اتفاق وقف الأعمال العدائية بسوريا يصمد لفترة أطول، وقال إن من شأن ذلك أن يعيد أطراف النزاع إلى طاولة المفاوضات من جديد، ويحدث خرقا حقيقيا بالملف السوري.
وجدد كيري تأكيده على أن حل الأزمة السورية يجب أن يكون سياسيا وسلميا، وأكد أن إنهاء هذه الأزمة لن يكون عسكريا. وأشار إلى أن المبعوث الأممي إلى سوريا ستفان دي ميستورا سيدفع الأطراف المختلفة للعودة إلى طاولة المفاوضات.
وتحدث كيري بشكل إيجابي عن اجتماعاته مع لافروف، وقال “نحن عملنا بشكل وثيق في الأيام القليلة الأخيرة حتى لا نضل الطريق وحتى لا نبقى في حلقة مفرغة”، مضيفا “اليوم يمكن أن أقول إننا وصلنا إلى بعض الوضوح في ما يتصل بالطريق أمامنا نحو المستقبل” في سوريا.
وقال كل من كيري ولافروف إن هناك بضع مسائل لا بد من الانتهاء منها قبل إمكان التوصل لاتفاق، وحذرا من إمكان انهياره ما لم يتم سريان “فترة تهدئة” قبل إمكان تنفيذه.
وأكد لافروف أن موسكو وواشنطن اتفقتا على عدد من النقاط المهمة بشأن سوريا، لكن ما زالت هناك بعض النقاط، بينها إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المعرضين للخطر في سوريا. مضيفا أن “مسألة تصنيف الجماعات المسلحة في سوريا هي مسألة معقدة بسبب المحاولات التي تبذلها جبهة النصرة للتخفي بين الجماعات الأخرى”.
وتابع لافروف “إذا كنا قادرين على إبرام اتفاق طويل الأجل بشأن وقف إطلاق النار فسنكون قادرين على إحداث تغيير جذري حيال مسار النزاع”، مؤكدا أن الاتصالات مع واشنطن بشأن الملف السوري ستتكثف.
وكان كيري قد قال، في وقت سابق، إن المحادثات التي تجريها فرق فنية بين الجانبين تقترب من نهايتها، في وقت أشار مسؤولون أمريكيون إلى أن من السابق لأوانه القول إن من المرجح إبرام اتفاق.
ويرى بعض المحللين أن هناك آمال في أن يؤدي الاتفاق إلى وقف العمليات القتالية في أنحاء سوريا، واستئناف المحادثات بشأن انتقال سياسي في البلاد.
وكان كيري اقترح خلال زيارة لموسكو في يوليو/تموز، تبادل واشنطن وموسكو المعلومات المخابراتية لتنسيق الضربات الجوية ضد تنظيم الدولة، وتحييد قوات الأسد الجوية لمنعها من مهاجمة “المعارضة السورية المعتدلة”.
ويعتقد الوزير الأمريكي أن الخطة هي أفضل فرصة للحد من القتال -الذي دفع آلاف السوريين للجوء إلى أوروبا، وحال دون وصول المساعدات الإنسانية إلى آلاف آخرين- وللحفاظ أيضا على المسار السياسي.
من جهتها، أعربت الأمم المتحدة عن أملها في أن يسفر اجتماع الوزيرين كيري ولافروف عن تحقيق شيء من أجل سوريا، حيث قال استيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بمؤتمر صحفي، “من جانبنا مستعدون لهدنة إنسانية في سوريا، ونريد تحقيق الحد الأدنى من سلامة سائقي شاحنات الإغاثة لنتمكن من إيصال المساعدات الإنسانية للمحاصرين من المدنيين”.
من جانبه، أعلن المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا استفان دي ميستورا أن روسيا وافقت على هدنة إنسانية لمدة 48 ساعة لإدخال مواد إغاثية إلى مدينة حلب، لافتا إلى أن الأمم المتحدة تنتظر ضمانات من أطراف أخرى على الأرض.
وقال دي ميستورا في تصريح للصحفيين، “نحن نركز تماما على المحافظة على مسلكنا، ونرغب في هدنة لمدة 48 ساعة، وقد ردت روسيا بالإيجاب. وسننظر ردا مماثلا من الآخرين”، وأضاف أن شاحنات نقل المساعدات جاهزة ويمكنها التحرك في أي وقت نتلقى فيه تلك الموافقات.
من جهته، قال منسق فريق العمل الإنساني الأممي في سوريا يان إيغلاند، إن خطة الأمم المتحدة لإغاثة حلب تتركز على توزيع المواد الغذائية في مناطق سيطرة المعارضة شرقي المدينة، ومناطق سيطرة نظام الأسد غربها بشكل متزامن، بالإضافة إلى إصلاح شبكة التيار الكهربائي المتقاطعة في الجنوب التي تغذي محطات ضخ المياه بالطاقة والتي تمد نحو 1.8 مليون شخص بحاجتهم من المياه.
وأكد إيغلاند أن محنة آلاف المدنيين في المناطق المحاصرة بحلب زادت بسبب النقص الحاد في السلع الأساسية، ما دفع برنامج الأغذية العالمي إلى التحذير من الوضع “الرهيب”.