في ظل التصعيد العسكري في الميدان السوري، دعى تيار الغد السوري إلى العودة للمفاوضات السياسية بين الأطراف المتناحرة، مؤكدا على أن الحل السياسي ضرورة حتمية لأي صراع، وداعيا الأطراف الدولية المعنية بالملف السوري إلى الإسراع في الوصول إلى اتفاق يوقف الحرب ويحقن دماء السوريين.
حيث دعا منذر آقبيق، الناطق باسم تيار الغد السوري، كلا من واشنطن وموسكو إلى الإسراع في الوصول إلى اتفاق في ما بينهما، وأكد في تصريح لـ”إيلاف” أن الاتفاق “ضروري جدًا من أجل تنفيذ وقف الأعمال العدائية بشكل فعلي وإعادة البدء بمفاوضات الانتقال السياسي بين الأطراف السورية في جنيف”.
وأشار آقبيق إلى الاتفاق السابق بين الطرفين الروسي والأمريكي على الحل السياسي في سوريا عام 2012 عندما أصدرا بيان جنيف، “واستغرق الأمر حوالي ثلاث إلى أربع سنوات أخرى كي يتفقا على أن الحل السياسي بحاجة إلى وقف الأعمال العدائية أولا، وكان ذلك الاتفاق في فيينا”.
وأكد الناطق باسم تيار الغد السوري على تفاوض الطرفين هذه الفترة على “كيفية الوصول إلى وقف الأعمال العدائية، وتصريحاتهما تشير إلى أن هناك اتفاقًا على الإطار العام، ولكن يتوجب الخوض في التفاصيل، لا سيما في الوقت الذي يموت فيه السوريون كل يوم بالعشرات وأحيانًا المئات، ما عدا الجرحى والبيوت المهدمة”.
وأضاف: “لا يوجد اتفاق حالي بين موسكو وواشنطن على الحل في سوريا، وبالتالي وقف الحرب والبدء في الانتقال السياسي. وهذا للأسف يعني المزيد من الضحايا والمآسي الإنسانية”.
من جانبه، قال محمد طه، عضو الأمانة العامة في تيار الغد السوري، “إن الحل السياسي ضرورة حتمية لأي صراع، سواء كان هذا الصراع بين دول أو بين مجموعات متناحرة أو بين ثورة ونظام ثارت عليه”. وأضاف: “في النهاية لا بد من الجلوس على الطاولة لكتابة الفصل الأخير وتجسيد الحالة كتابيًا، سواء كان هناك منتصر وخاسر، أو لا منتصر ولا خاسر”.
وأشار طه إلى أن “الحل السياسي بات ضرورة دولية بعد اتساع رقعة الفوضى والعنف، ليتجاوزا حدود سوريا إلى دول مجاورة أو بعيدة عن الأرض السورية، كما أن تجاذبات السياسة الدولية وصراعاتها يمكن أن تؤدي لاتساع التناحر الدولي، ومن الممكن تطور الأوضاع إلى أسوأ مما هو عليه الحال، كما أن الرأي العام لشعوب الدول المنخرطة في الصراع السوري من غير المعروف إلى أي حد يمكن أن يصمت عن تأثيرات تدخل حكوماتهم في هذا الصراع، خاصة إن زادت الخسائر بكل أشكالها لديهم”.
وتابع عضو الأمانة العامة في تيار الغد السوري: “لذلك، فالدول الإقليمية معنية بالحل السياسي، وعلى المعارضة السورية فهم كل هذه الظروف والتناقضات، وأن تذهب لتكون طرفاً في هذا الحل لا متلقيًا له، عليها أن تكون طرفًا يدفع نحو الحصول على الحقوق التي طالب بها الشعب السوري بواقعية ومن دون خطابات عنترية بعيدة عن واقع الحالة التي وصلنا إليها، حتى لا يحصل الحل، ونحن بعيدون عنه ويطلب منّا، نحن أصحاب القضية، أن ننفذه طوعًا أو بالإكراه”.
أما مطيع السهو، عضو تيار الغد السوري، فقد انتقد طريقة توجيه السؤال، وقال إن السؤال بحد ذاته حول وجوب الحل السياسي فيه شيء من الفرض (في إشارة إلى كلمة يجب)، فيما “المفاوضات المباشرة (وجهاً لوجه) لم تبدأ بعد، وكل الذي جرى حتى الآن هو عبارة عن اتصالات بين الطرفين عبر وسطاء دوليين وإقليميين من أجل تحقيق الشروط الانسانية التي نصت عليها قرارات مجلس الأمن الدولي، لا سيما تلك الواردة في القرار ٢٢٥٤ المؤرخ في ١٨ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٥ والقرار ٢٢٦٨ المؤرخ في ٢٦ شباط/فبراير ٢٠١٦ مثل: وقف اطلاق النار وفك الحصار وادخال المساعدات واطلاق سراح المعتقلين”.
وأضاف السهو: “إذن العودة إلى الحل السياسي تُصبح حالةً وجوبية، حين تحقق الشروط الدولية لافتتاح المفاوضات المباشرة بين الأطراف المعنية ، ومن دون ذلك سنعود إلى نفس المكان (جنيف) ونفس الزمان (البدايات والمماطلات) ومن دون التقدم ولو خطوة واحدة، نحو الحل الذي ينبغي أنْ يؤدي إلى أهدافه المنشودة. أمّا ما يُقال عن ضرورة العودة لوقف المعاناة والقتل والتدمير، إن هو إلّا مبرر وذريعة لسَوْق مفوضي المعارضة إلى ظرفي الزمان والمكان آنفي الذكر، مرة أخرى تتبعها مرات ومرات”.
وكان رئيس تيار الغد السوري، أحمد الجربا، قد كتب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي تعليقًا على التطورات العسكرية: “إن نتائج المقدمات كلها في جبهة حلب، ما زال يكتنفها الغموض، حيث لم تصل إلى الحسم الأخير”، وأضاف: “ما زالت الجهات المعارضة لم تظهر انسجامًا موحدًا حول موقف ميداني إلا في معركة فك الحصار الأخيرة، والتي توقفت فجأة لأسباب لا تستطيع هي نفسها التصريح بها، وفي نفس الوقت ما زال الانسجام والاتحاد يغيب في جهة محور النظام، فمن جهة لم تظهر القوات الكردية أبدًا أي خروج عن النص مع جيش النظام، ولكنها وفي نفس الوقت لم تعطِ أية مؤشرات حول وجود أي انسجام بينهما، إلا في معركة مواجهة التقدم الأخير للمعارضة باتجاه معاقلها، ولم يسلم ملف هذه المعارضة بعد لجهة إقليمية واحدة، فما زالت معارك كسر العظم جارية في الجبهتين وبين الجبهتين، فمن جهة جبهة المعارضة، تزداد الخلافات حدة بين أطرافها ولم يبدل في هذه الخلافات تحول جبهة النصرة إلى فتح الشام، فما زال الاتفاق بعيدًا بعض الشيء، والحال نفسه في جبهة النظام فغياب التناغم فيها يظهر تضارب بين مواقف القوى الدولية والإقليمية المؤيدة للنظام”.
واعتبر رئيس تيار الغد السوري أن “الصراع العسكري العنيف بين المجموعات المسلحة على اختلاف مسمياتها وانحيازاتها يبدو أنه يسير إلى مزيد من التصعيد لتحسين مواقعها على طاولة التفاوض المقبلة حتمًا، والخاسر الأكبر في كل هذا التصعيد هو الشعب السوري الذي استنزفت الحرب قواه وإمكاناته البشرية والمادية والروحية أيضًا”.
وأكد الجربا أن “المطلوب من كل الحريصين على إنقاذ سوريا الشعب والوطن أن يسارعوا إلى تغليب المسار السياسي للخروج بأقل الخسائر الممكنة، والبدء بالمرحلة الانتقالية ووضع البلد على عتبة الخلاص الوطني”.